وهاهنا وجه آخر ، وهو قوله : (وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلا طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثالُكُمْ) [سورة الأنعام آية : ٣٨]. لما جعلها أمثالهم في الخلق والموت والبعث جعلها أمما.
__________________
ـ وكذلك كلّ من كان على دين حقّ مخالف لسائر الأديان فهو أمّة. وكلّ قوم نسبوا إلى شيء وأضيفوا إليه فهم أمّة ، وكلّ جيل من النّاس أمّة على حدة.
وفي الحديث : " لو لا أنّ هذه الكلاب أمّة من الأمم لأمرت بقتلها ، ولكن اقتلوا منها كلّ أسود بهيم".
فأمّا قوله تعالى : (كانَ النَّاسُ أُمَّةً واحِدَةً) [البقرة ٢١٣] ، فقيل كانوا كفّارا فبعث الله النبيّين مبشّرين ومنذرين. وقيل : بل كان جميع من مع نوح عليهالسلام في السفينة مؤمنا ثمّ تفرقوا. وقيل : (إِنَّ إِبْراهِيمَ كانَ أُمَّةً) [النحل ١٢٠] ، أي إماما يهتدى به ، وهو سبب الاجتماع. وقد تكون الأمّة جماعة العلماء ، كقوله تعالى : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ) [آل عمران ١٠٤].
وقال الخيل : الأمّة القامة ، تقول العرب إنّ فلانا لطويل الأمّة ، وهم طوال الأمم ، قال الأعشى :
وإنّ معاوية الأكرمين |
|
حسان الوجوه طوال الأمم |
قال الكسائيّ : أمّة الرجل بدنه ووجهه. قال ابن الأعرابيّ : الأمّة الطاعة ، والرّجل العالم.
قال أبو زيد : يقال إنّه لحسن أمّة الوجه ، يغزون السّنّة ، ولا أمّة لبني فلان ، أي ليس لهم وجه يقصدون إليه لكنهم يخبطون خبط عشواء.
قال اللّحيانيّ : ما أحسن أمّته أي خلقه. قال أبو عبيد : الأمّيّ في اللغة المنسوب إلى ما عليه جبلة الناس لا يكتب ، فهو [في] أنّه لا يكتب على ما ولد عليه.
قال : وأمّا قول النّابغة :
* وهل يأثمن ذو أمّة وهو طائع*
فمن رفعه أراد سنّة ملكه ، ومن جعله مكسورا جعله دينا من الائتمام ، كقولك ائتم بفلان إمّة.
والأمة في قوله تعالى : (وَادَّكَرَ بَعْدَ أُمَّةٍ) [يوسف ٤٥] ، أي بعد حين.
والإمام : كلّ من اقتدي به وقدّم في الأمور. والنبيّ صلىاللهعليهوسلم إمام الأئمة ، والخليفة إمام الرّعية ، والقرآن إمام المسلمين. قال الخليل : الإمّة النّعمة. قال الأعشى :
* وأصاب غزوك إمّة فأزالها*
انظر مقاييس اللغة مادة (أ م م).