الأول : أن تكون بمعنى لم يزل ، قال : (وَكانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً)(١) [سورة الفتح آية : ٧] ، أي : هو لم يزل كذلك ، ويجوز أن يكون دخول كان هاهنا للتوكيد ، وكذا في قوله : (وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) ، ويكون المعنى أنه غفور غفرانا عظيما ، ورحيم رحمة كبيرة ، ويجوز أن يكون المراد أن الغفران وإحكام الأمور من فعله فيما مضى ، وهذا الوجه هو الصحيح.
الثاني : بمعنى صار ، قال تعالى : (إِلَّا إِبْلِيسَ أَبى وَاسْتَكْبَرَ وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) [سورة البقرة آية : ٣٤] ، وكذلك قوله : (وَفُتِحَتِ السَّماءُ فَكانَتْ أَبْواباً) [سورة النبأ آية : ١٩] ، وقال : (وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً) [سورة المزمل آية : ١٤] ، أي : صارت ، وحقيقة المعنى أنها تصير كذلك ، ويجوز أن يكون معناه أنه إذا كان يوم القيامة صارت كذلك ، وهذا هو الصحيح ، وقوله : (يَوْمَ تَكُونُ السَّماءُ كَالْمُهْلِ) [سورة المعارج آية : ٨] ، أي : تصير.
الرابع : قراءته تفسيره ، قال : (إِنَّهُ كانَ صادِقَ الْوَعْدِ وَكانَ رَسُولاً نَبِيًّا وَكانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلاةِ وَالزَّكاةِ) [سورة مريم آية : ٥٤ ـ ٥٥] ، وقوله : (وَكانَ وَراءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْباً) [سورة الكهف آية : ٧٩] ، وإذا جاء قبل كان حرف نفي كانا بمعنى لا ينبغي وهو ، قوله : (ما كانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ) [سورة مريم آية : ٣٥] ، أي : لا ينبغي له ذلك ، لأنه مستغن عنه ، وكذلك قوله : (ما كانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِناً إِلَّا خَطَأً) [سورة النساء آية : ٩٢] ، وقوله : (وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَ) [سورة آل عمران آية : ١٦١].
__________________
(١) قال أبو جعفر : أما قوله : " وكان الله عزيزا حكيما" ، فإنه يعني : ولم يزل الله منتقما من أعدائه ، كانتقامه من الذين أخذتهم الصاعقة بظلمهم ، وكلعنه الذين قصّ قصتهم بقوله : " فبما نقضهم ميثاقهم وكفرهم بآيات الله"" حكيما" ، يقول : ذا حكمة في تدبيره وتصريفه خلقه في قضائه. يقول : فاحذروا أيها السائلون محمدا أن ينزل عليكم كتابا من السماء ، من حلول عقوبتي بكم ، كما حل بأوائلكم الذين فعلوا فعلكم ، في تكذيبهم رسلي وافترائهم على أوليائي ، وقد حدثنا أبو كريب قال ، حدثنا محمد بن إسحاق بن أبي سارة الرّؤاسيّ ، عن الأعمش ، عن المنهال ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن عباس في قوله : " وكان الله عزيزا حكيما" ، قال : معنى ذلك : أنه كذلك. [جامع البيان : ٩ / ٣٧٨].