١١] ، أي : معظم هذا الإفك ، ومنه الكبر من السن ؛ لأن صاحبه يعظم في الصدور ، فأما الكبر فأعجمي.
والكبير وما يتشعب منه في القرآن على ثمانية أوجه :
الأول : الشديد ، قال الله : (وَمَنْ يَظْلِمْ مِنْكُمْ نُذِقْهُ عَذاباً كَبِيراً) [سورة الفرقان آية : ١٩] ، قال : (وَلَتَعْلُنَّ عُلُوًّا كَبِيراً) [سورة الإسراء آية : ٤] ، كل ذلك بمعنى شديد كذا قيل ، ونحن نقول : أن حقيقة الشدة والكبر في الأعراض إنما هي الزيادة في المقدار ، فقولك : علا علوا شديدا أو كبيرا أي : علوا زائدا على علو من هو في درجته أو من جنسه أو ما أشبه هذا.
الثاني : المسن ، قال : (وَأَبُونا شَيْخٌ كَبِيرٌ) [سورة القصص آية : ٢٣] ، قال : (وَأَصابَهُ الْكِبَرُ) [سورة البقرة آية : ٢٦٦].
الثالث : الزيادة في العلم والفهم ، قال : (إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ) [سورة طه آية : ٧١] ، أي : أعلمكم وأفهمكم ، ومثله قال : (كَبِيرُهُمْ) [سورة يوسف آية : ٨٠ ، الأنبياء : ٦٣] ، أي : أفضلهم رأيا ، ولم يعن أكبرهم سنا هكذا قيل ، ويجوز عندنا أن يكون أراد أكبرهم في السن.
الرابع : بمعنى الكثير ، قال الله : (وَلا يُنْفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً) [سورة التوبة آية : ١٢١] ، وقوله : (وَلا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى أَجَلِهِ) [سورة البقرة آية : ٢٨٢] ، أي : مالا قليلا أو كثيرا ، ويجوز أن يكون أراد صغيرا أو كبيرا في القدر.
الخامس : الكبير في أسماء الله تعالى ، ومعناه الذي تقدم وهو قوله : (الْكَبِيرُ الْمُتَعالِ) [سورة الرعد آية : ٩] ، وقوله : (إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيًّا كَبِيراً) [سورة النساء آية : ٣٤] ، والمتعال الذي يتضاعف ما يستحقه من علو الصفات ، ولم يزل الله متعاليا على هذا المعنى ، وكل شيء نسب إلى العلو ، وهو معظم الشأن ، لأن العالي ينال ولا ينال ، ويوصف الله بالتعالي أيضا على وجه آخر ، وهو أنه يتضاعف ما تنزه به عن صفات النقص ، نحو قوله تعالى : (عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ فَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) [سورة المؤمنون آية : ٩٢] ، ولا يقال :