وجاء لفظ كذب في القرآن على وجهين :
الأول : الجحد ، قال : (وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى) [سورة الليل آية : ٩] ، أي : جحد الجنة ، وقوله : (كَذَّبَ وَتَوَلَّى) ، أي : جحد وأعرض ، وقوله : (وَما يُكَذِّبُ بِهِ إِلَّا كُلُّ مُعْتَدٍ أَثِيمٍ) [سورة المطففين آية : ١٢].
الثاني : تكذيب الرسول ، وهو القول بأنه كاذب ، قال الله : (وَلَقَدْ كُذِّبَتْ رُسُلٌ مِنْ قَبْلِكَ) [سورة الأنعام آية : ٣٤] ، ومثله كثير.
وأما قوله : (فَإِنَّهُمْ لا يُكَذِّبُونَكَ) [سورة الأنعام آية : ٣٣] ، فمعناه أنهم لا يكذبونك ولكنهم يكذبونني لأني أنا المخبر لك ، وقيل : (لا يُكَذِّبُونَكَ) [سورة الأنعام آية : ٣٣] ، بحجة ، بل هو جحد ومكابرة.
وقيل : المراد أنهم لا يقدرون أن يقولوا لك فيما أنبأتهم به مما في كتبهم ؛ أنك كاذب فيه ، ويجوز أن يكون المراد أنهم لا يكذبونك بقلوبهم ، ولكن يجحدون أمرك بألسنتهم ، وقرئ لا يكذبونك ، أي : لا يصادفونك كاذبا فيما أخبرت به عن المذكور في كتبهم.
ويجوز أن يكون لا يصادقونك كاذبا إذا نظروا في أمرك حق النظر ، وأكذبت الرجل صادفته كاذبا ، وأبخلته صادفته بخيلا ، وقيل : (كَذَّبَ بِالْحُسْنى) [سورة الليل آية : ٩] ، أي : قصر به ، والعرب تقول كذب الرجل في الحرب إذا ترك الحملة.