الْمُحْسِنِينَ) [سورة البقرة آية : ٢٣٦] ، وليس في ألفاظ الإيجاب أوكد من هذا ؛ لأنه جعلها من شرائط الإحسان ، وعلى كل أحد أن يكون محسنا ، وإذا وجبت عليهم وجبت على غيرهم ، لأن أحدا لا يفرق بين المحسن والمسيء في الفروض ، ولا يجوز أن تكون ندبا ؛ لأن الندب لا يختلف فيه المحسنون وغيرهم ، وعند أصحابنا أن المتعة لا تكون أكثر من نصف مهر المثل ، وفيه كلام كثير أوردناه في التفسير.
وأما قوله : (وَلِلْمُطَلَّقاتِ مَتاعٌ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ) [سورة البقرة آية : ٢٤١] ، فالمتاع هنا نفقة العدة ، وأوردنا هذه الوجوه على ما جاء عن السلف ، وعندنا أن المراد بجميع ذلك المنفعة مع التلذذ ، ومثله : (بَلْ مَتَّعْنا هؤُلاءِ وَآباءَهُمْ) [سورة الأنبياء آية : ٤٤].
وقال بعض أهل اللغة : أصل التمتع التزود ، والمتاع الزاد ، وتستعمل في التلذذ ، وقوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) [سورة البقرة آية : ١٩٦].
قال المفضل : إلى هاهنا بمعنى مع ، والتمتع بالعمرة إلى الحج ، وهو أن يأتي بعمرة في أشهر الحج وهي شوال وذو القعدة وعشر ذي الحجة ، حتى إذا قضاها حل من إحرامه ثم أحرم من عامه بالحج فعليه ما استيسر من الهدي ، واستيسر وتيسر واحد مثل استأخر وتأخر ، وأدنى ذلك شاة ، ويجوز مثلها في الأضاحي ، وكذلك القادر ، وليس على المفرد هدي ، وأما متعة النساء فحرام ، ومن خالف فيه فهو خارج من الإجماع ، والإجماع قد سبق بتحريمه ، ونهى عمر رضي الله عنه عنها لنهي رسول الله صلى الله عليه عنها ، والشاهد ما روى أبو هريرة" أن النبي صلى الله عليه حرم المتعة بالطلاق والنكاح" (١) ، وقول الله عزوجل : (فَمَنِ ابْتَغى وَراءَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ العادُونَ) [سورة المؤمنون آية : ٧] ، والمتعة هي وراء ذلك ، وأما متعة الحج فإن النبي صلى الله عليه أحله بثلاثة أيام ثم حرمه ، وكان ابن عباس يحل المتعة فقال له علي عليهالسلام : " أنت أمرؤ تائه نهى رسول الله صلي الله عليه عن متعة النساء ، وأكل حمر الأهلية بخيبر" ، فرجع ابن عباس عن هذا القول ، ونادى يوم عرفة بأعلى صوته : " أنا عبد الله بن العباس إلا أن المتعة حرام كالميتة والدم".
__________________
(١) أخرجه ابن حبان من حديث أبي هريرة (٤١٤٩).