٣]. أي : في نكاح اليتامى ؛ فحذف النكاح ودل عليه بقوله : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ) [سورة النساء آية ٣]. يعني : من هؤلاء اليتامى ، ولم يقل : ما طاب لكم منهن ؛ لأن لا يظن أن الخطاب مقصور عليهن دون سائر النساء ، وأراد أن يبين أن هذا ينبغي أن يستعمل فيهن وفي غيرهن من النساء ، وإذا ذكر النساء دخل اليتامى فيهن ، وإذا ذكر اليتامى لم يدخل فيه غيرهن.
الثاني : بمعنى : أقرب ، قال الله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) [سورة السجدة آية ٢١]. يعني : الجوع والضر والخوف في الدنيا ، : (دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) [سورة السجدة آية ٢١] في الآخرة وهي النار. هكذا قالوا (١).
وهو عندنا بمعنى أيسر ؛ لأنه جعله مع أكبر ، وقوله تعالى : (فَكانَ قابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنى) [سورة النجم آية ٩]. أي : أقرب لا غير.
الثالث : بمعنى : أقل ، قال الله تعالى : (وَلا أَدْنى مِنْ ذلِكَ وَلا أَكْثَرَ) [سورة المجادلة آية ٧]. أي : أقل.
الرابع : بمعنى : أدون ، قال الله تعالى : (أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ) [سورة البقرة آية ٦١]. أي : الأرفع وهو المن والسلوى بالأوضع ، هو ما طلبوه من نبات
__________________
(١) قوله تعالى : (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذابِ الْأَدْنى) وفيه ستة أقوال.
أحدها : أنه ما أصابهم يوم بدر ، رواه مسروق عن ابن مسعود ، وبه قال قتادة ، والسدي.
والثاني : سنون أخذوا بها ، رواه أبو عبيدة عن ابن مسعود ، وبه قال النخعي. وقال مقاتل : أخذوا بالجوع سبع سنين.
والثالث : مصائب الدنيا ، قاله أبيّ بن كعب ، وابن عباس في رواية ابن أبي طلحة ، وأبو العالية ، والحسن ، وقتادة ، والضحاك.
والرابع : الحدود ، رواه عكرمة عن ابن عباس.
والخامس : عذاب القبر ، قاله البراء.
والسادس : القتل والجوع ، قاله مجاهد.
قوله تعالى : (دُونَ الْعَذابِ الْأَكْبَرِ) أي : قبل العذاب الأكبر ؛ وفيه قولان.
أحدهما : أنه عذاب يوم القيامة ، قاله ابن مسعود.
والثاني : أنه القتل ببدر ، قاله مقاتل. [زاد المسير : ٥ / ١١٧].