الثاني : الإمهال والتأخير ، وهو قوله : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) [سورة البقرة آية : ٢٨٠] ، وناظرة هاهنا مصدر وفاعله في المصادر كثير مثل العافية والعاقبة والكاذبة في قوله تعالى : (لَيْسَ لِوَقْعَتِها كاذِبَةٌ خافِضَةٌ رافِعَةٌ) [سورة الواقعة آية : ٢ ـ ٣] ، والواقعة ورفع ناظرة على إضمار كأنه قال : فالواجب ناظرة أو فعلتكم ناظرة ، ومثله : (فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ) [سورة البقرة آية : ١٨٤] ، وقرئ : (فَنَظِرَةٌ إِلى مَيْسَرَةٍ) [سورة البقرة آية : ٢٨٠] ، وهي التأخير ، وقد أنظرته أخرته لينظر في أمره ؛ أي : إن كان الذي عليه أصل المال معسرا ، فالواجب عليه تأخيره إلى أن يوصى ، وأن تصدقوا بالمال على المعسر خيرا لكم ، قال مجاهد : كانوا إذا جل دينهم وصادفوا المديون معسرا أزادوا فيه وأنظروه فأمره الله بالإنظار ، وأبطل الزيادة.
الثالث : النظر بمعنى الرحمة ، وهو قوله تعالى : (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [سورة آل عمران آية : ٧٧] ، أي : لا يرحمهم ، كقول العربي انظر إلي نظر الله إليك ، أي : ارحمني رحمك الله ، وعدى النظر بإلى ، وإن كان بمعنى الرحمة فكذلك عداه بإلى في قوله : (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) [سورة القيامة آية : ٢٣] ، وإن كان بمعنى الانتظار.