وضعف لأنه لو أريد هذا لكان الجمع في الألفاظ المشتركة ، وهم يذكرون في تلك الكتب اللفظ الذي معناه واحد في مواضع كثيرة ، فيجعلون الوجوه نوعا لأقسام ، والنظائر نوعا لآخر.
وقد جعل بعضهم ذلك من أنواع معجزات القرآن حيث كانت الكلمة الواحدة تنصرف إلى عشرين وجها وأكثر وأقل ، ولا يوجد ذلك في كلام البشر.
وذكر مقاتل في صدر كتابه حديثا مرفوعا : " لا يكون الرجل فقيها كل الفقه حتى يرى للقرآن وجوها كثيرة".
قلت (١) : هذا أخرجه ابن سعد وغيره عن أبي الدرداء موقوفا ، ولفظه : " لا يفقه الرجل كل الفقه".
وقد فسره بعضهم بأن المراد أن يرى اللفظ الواحد يحتمل معان متعدد فيحمله عليها إذا كانت غير متضادة ولا يقتصر به على معنى واحد.
وأشار آخرون إلى أن المراد به استعمال الإشارات الباطنة وعدم الاقتصار على التفسير الظاهر.
وقد أخرجه ابن عساكر في تاريخ دمشق من طريق حماد بن زيد عن أيوب عن أبي قلابة عن أبي الدرداء قال : " إنك لن تفقه كل الفقه حتى ترى للقرآن وجوها". قال حماد : فقلت لأيوب : أرأيت قوله : حتى ترى للقرآن وجوها ، أهو أن ترى له وجوها فتهاب الإقدام عليه؟ قال : نعم هو هذا.
وأخرج ابن سعد من طريق عكرمة عن ابن عباس أن علي بن أبي طالب أرسله إلى الخوارج فقال : اذهب إليهم فخاصمهم ولا تحاجهم بالقرآن فإنه ذو وجوه ، ولكن خاصمهم بالسنة.
وأخرج من وجه آخر أن ابن عباس قال له : يا أمير المؤمنين فأنا أعلم بكتاب الله منهم ، في بيوتنا نزل قال : صدقت ، ولكن القرآن حمال ذو وجوه ، تقول ويقولون ، ولكن
__________________
(١) أي السيوطي في الإتقان.