وقال : (فَما تَسْتَطِيعُونَ صَرْفاً وَلا نَصْراً) [سورة الفرقان آية ١٩]. قال أبو علي رضي الله عنه : الخطاب للنبيّ عليهالسلام والمؤمنين بقوله : (فَقَدْ كَذَّبُوكُمْ بِما تَقُولُونَ) [سورة الفرقان آية ١٩]. أي : كذبوك بما تقول من توحيد الله فلا يستطيعون صرف العذاب عن أنفسهم والانتصار لها.
وقال غيره : الخطاب للكفار يريد أن هؤلاء الذين اتخذتموهم آلهة إذا سئلوا هل كان عبادتكم إياها بدعاء منكم لها ، : (قالُوا سُبْحانَكَ ما كانَ يَنْبَغِي لَنا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِياءَ) [سورة الفرقان آية ١٨]. فظهر لهم حينئذ أنهم لا يقدرون على صرف العذاب عنهم ولا على نصرهم مما يراد إنزاله بهم.
الثالث : الاستثقال ، قال الله تعالى : (ما كانُوا يَسْتَطِيعُونَ السَّمْعَ) [سورة هود آية ٢٠]. أي : كانوا يستثقلون استماع القرآن والأمر بالإيمان ، وهو كقولك : لا أستطيع أن أسمع كلام فلان. أي : يثقل علي ذلك ، وهذا معروف.
الرابع : الاستطاعة ، بمعنى سؤال الفعل وطلبه ، قال الله تعالى : (هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَنْ يُنَزِّلَ عَلَيْنا مائِدَةً مِنَ السَّماءِ) [سورة المائدة آية ١١٢]. والمعنى : سؤال النزول كما تقول : هل يستطيع فلان أن يقوم معنا. وأنت تعلم أنه يستطيع ولكنك تجعل ذكر الاستطاعة سؤالا للقيام ؛ لأنه ألطف وقرئ : هل يستطيع ربك. أي : هل تقدر على أن تسأل ربك ، وكانوا يعلمون أنه قادر على سؤال ربه ، ولكن قالوا ذلك ؛ لأنه ألطف في السؤال ومجازه هل يجوز أن تسأل ربك.