وقال تعالى : (وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ) [سورة المائدة آية : ٢] هو الإثم وكذلك البغي.
وإنما كرر المعنى بغير لفظه أراد التأكيد على ما بيننا ، ومثله : (وَذَرُوا ظاهِرَ الْإِثْمِ وَباطِنَهُ) [سورة الأنعام آية : ١٢٠] يعني : ظاهر المعصية وباطنها.
وقال بعضهم : أراد الزنا وليس له أن يقصره على الزنا وحده إلا بدليل ولدليل فإن كان ما روي أن العرب كانت تحل الزنا باطنا وتحرمه ظاهرا فأخبر الله تعالى بأن ذلك كله محرم صحيحا فهو الدليل.
الثالث : الحرج والضيق ، قال الله تعالى : (فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلا إِثْمَ عَلَيْهِ) [سورة البقرة آية : ٢٠٣] أي : إن نفر الحاج من مكة اليوم الأول من أيام التشريق أو الثاني أو تأخر بمنى إلى اليوم الثالث فلا حرج عليه : (لِمَنِ اتَّقى) أي : لمن توخى التقوى.
وهذا دليل على أن أعمال البر لا تنفع إلا مع الإيمان والتقوى والإثم الحرام ، قال الله تعالى : (أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً) [سورة النساء آية : ٢٠] أي : حراما بينا ، والبهتان : الباطل الذي يتحير في بطلانه ، وأصله من قولهم : بهت الرجل إذا تحير ، وقال الله : (فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ) [سورة البقرة آية : ٢٥٨].
الرابع : قوله تعالى : (فَمَنْ خافَ مِنْ مُوصٍ جَنَفاً أَوْ إِثْماً) [سورة البقرة آية : ١٨٢] جاء في بعض التفسير أنه أراد بالإثم الخطأ ، وقيل : الجنف هاهنا الخطأ ، وقيل : المعنى من علم من الموصي ميلا إلى ما هو إثم وجور في الوصية مما يعود بالضر على ورثته فسبيله أن يصلح بينه وبينهم حتى يرجع أمرهم إلى السداد ، ولما قال : (جَنَفاً) دل على معدول عنه ومعدول إليه ، وهم الموصي والورثة ، فقال تعالى : (فَأَصْلَحَ بَيْنَهُمْ) [سورة البقرة آية : ١٨٢]