وأمّا الخبر الثاني : فلا منافاة فيه للأول ، لأنّه يجوز أن يكون قراءة السجدة محرمة علىٰ الحائض ، وإذا سمعت يجب عليها السجود ، كما قاله الشيخ رحمهالله إلّا أنّ قوله : وذلك (١) أيضاً محمول علىٰ الاستحباب ، إلىٰ آخره محل كلام ، لأنّ كونها علىٰ حال لا يجوز لها السجود ينافي الاستحباب .
والجواب أنّ مراده علىٰ حال لا يجب عليها السجود ، والعبارة غير وافية بالمراد ، ومن عجيب ما وقع للشيخ في التهذيب ، أنّه قال في كتاب الطهارة ـ بعد قول المفيد : إلّا أربع سور ـ : لأن في هذه السور سجوداً واجباً ولا يجوز السجود إلّا لطاهر من النجاسات بلا خلاف (٢) ، وفي كتاب الصلاة ذكر ما يدل علىٰ الاستحباب (٣) ، كما هنا .
وسيأتي إن شاء الله في كتاب الصلاة من هذا الباب رواية عن الحسين بن سعيد ، عن فضالة ، عن أبان بن عثمان ، عن عبد الرحمن ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : سألته عن الحائض هل تقرأ القرآن وتسجد سجدة إذا سمعت السجدة ؟ قال : « تقرأ ولا تسجد » والشيخ حمل هذه الرواية علىٰ جواز الترك ، ورواية قبلها دالة علىٰ السجود حملها علىٰ الاستحباب (٤) .
وفيه نظر : لأنّ جواز الترك إن اُريد به الإباحة فإشكاله واضح ، وإن اُريد غيرها فلا ينافي الاستحباب ، بل هو الاستحباب .
وفي المختلف حمل الرواية المذكورة أخيراً علىٰ أنّ المراد لا تقرأ
__________________
(١) في « رض » : بعد نحو ذلك .
(٢) التهذيب ١ : ١٢٩ .
(٣) التهذيب ٢ : ٢٩١ ، ٢٩٢ .
(٤) راجع الاستبصار ١ : ٣٢٠ باب أنّ الحائض تسمع سجدة العزائم .