وهذا الكلام إنّما أوردناه لبيان حقيقة الحال ودفع ما عساه يقال ، والحق في المقام : أنّ نقل الإجماع بخبر الواحد لا يخرج عن كونه خبراً ، بل هو قريب من المرسل ، غاية الأمر أنّا لو سلّمنا أنّه مسند فهو حجّة كحجّية (١) الخبر ، فدليل العمل بخبر الواحد دليله ، وإن أمكن الفرق بأنّ العادة قاضية بامتناع تحقيق (٢) الإجماع في زمن مدعية ، إلّا أنّ إنكار ذلك إذا وقع من العدل مشكل (٣) .
ثم إنّ الإجماع المنقول إذا رجع إلىٰ الخبر كان مع المعارض حكمه حكم الخبر في الترجيح بالضبط ونحوه ، ولا ريب أنّ ناقل الإجماع إذا علم منه مخالفة نفسه أشكل الحكم بضبطه ، إلّا أن يقال : إنّ مخالفة نفسه قرينة علىٰ إرادته غير معنىٰ الإجماع منه ، وفيه : أنّ هذا يضر بالحال أيضاً ، لأنه نوع من التدليس ، كيف ومن لم يطلع علىٰ خلاف (٤) نفسه ينسىٰ علىٰ [ الظاهر ] (٥) نقل الإجماع ، ووجوب التتبّع ليصير من قبيل العام المخصوص لا وجه له ، إلّا أن يقال : إنّه إذا علم الخلاف يبين إرادة غير المعنىٰ الحقيقي ، وبدونه فلا ، وأنت خبير بما في هذا من التكلف ، وعدم المناسبة لصون الأحكام الشرعية عن التخليط .
وإذا عرفت هذا كلّه فاعلم أنّ الحال إذا رجع إلىٰ التعارض والترجيح ، فالإحالة علىٰ الفكر في حقائق الاُمور أولىٰ .
__________________
(١) في « رض » : لحجيّة .
(٢) في « رض » : تحقق .
(٣) في « رض » و « فض » زيادة : وعدم الموافق علىٰ هذا إلّا من قلّ غير أن الضرورة غير داعية إلىٰ نفيه لانتفاء الثمرة ، كما ستعلمه .
(٤) في « فض » : خلافه .
(٥) في النسخ : ظاهر ، والأنسب ما أثبتناه .