وأمّا الخبر الثاني : فقوله عليهالسلام : « غسل الجنابة واجب » قد يستدل به علىٰ أن الغسل واجب لنفسه ، كما هو أحد القولين ، إلّا أنّ الإطلاق في بقية الأغسال مع ادعاء الشهيد رحمهالله في حاشية القواعد عدم الخلاف في وجوب غير غسل الجنابة لغيره يدفع الاستدلال ، وهذه عبارة الشهيد رحمهالله :
أمّا غيره ـ أي غير غسل الجنابة من أغسال الأحياء ـ فلا خلاف في وجوبه لغيره ، كما لا خلاف في وجوب غسل الميت لنفسه وإن توقفت الصلاة عليه ، فإنّ ذلك من باب الواجب المرتب كترتب الدفن علىٰ الصلاة . انتهىٰ .
وقد يقال : إنّ خروج غير غسل الجنابة بالإجماع لا يخرج غسل الجنابة مع عدم الإجماع ، فيتم الاستدلال بالخبر علىٰ تقدير سلامة سنده وفيه بحث ؛ إذ من المستبعد تغاير الأحكام في خبر واحد ، إلّا أنّ الأمر سهل بعد عدم صلاحية الخبر للاستدلال .
وما تضمنه الخبر من أنّ « غسل المستحاضة واجب إذا احتشت بالكرسف فجاز الدم . . . » قد يستدل به ـ بتقدير الصلاحية لذلك ـ علىٰ أنّ المتوسطة لا يلزمها الأغسال الثلاثة كما يقوله البعض (١) ، بل عليها غسل واحد . ودلالته علىٰ أنّ الغسل كل يوم مرّة لا تنافي ما دل علىٰ غسل الغداة ، إذ لا يخرج عن الإطلاق ، وغيره إن تم مقيد ، إلّا أنّ وجود ما يصلح للاستدلال محل كلام كما سيأتي إن شاء الله . علىٰ أنّ لي في كلام المتأخّرين المقيدين (٢) بغسل الفجر بحثاً ذكرته في محله ، ولولا أنّ الحديث المبحوث عنه لا يصلح للاعتناء به لأوضحنا الحال هنا ، نعم في
__________________
(١) انظر المقنعة : ٥٦ ، والنهاية : ٢٨ .
(٢) في « رض » : المتعبدين .