الحيض ، إذ احتمال إرادة قصد غسل الحيض أوّلاً بخصوصه لا دليل عليه في المقام ، والرواية المستدل بها إنّما يقتضي ظاهرها ما قدّمناه ، والقول به استحباباً لم أعلم مشارك الشيخ فيه الآن .
وأمّا الوجه الثاني من توجيه الشيخ فهو من الغرابة بمكان .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ مفاد الخبر الأوّل بظاهره أنّ غسل الجنابة واجب مع الحيض وقد عرفت ما ذكرناه ، لكن إذا قلنا : بأنّ غسل الجنابة واجب لنفسه ، فالمانع من إيقاعه حال الحيض غير معلوم إلّا من جهة عدم الصلاحية للرفع أو الاستباحة ، والمطلوب منه الرفع .
وأنت خبير بأنّ ملاحظة الأمرين تقتضي الخروج عن الوجوب لنفسه ، إلّا أن يقال : بأنّ معنىٰ الوجوب لنفسه عدم اختصاصه بحالة وجوب المشروط بالطهارة ، وهذا لا ينافي اعتبار الصلاحية للدخول به في العبادة ، ولم أقف علىٰ شيء شافٍ في تحقيق الحال بالنسبة إلىٰ تفسير الوجوب لنفسه .
وعلىٰ الاحتمال الذي ذكرناه فالخبر ( الأخير ) (١) لا يخلو من دلالة علىٰ أن الغسل من الجنابة بتقدير الوجوب لنفسه موسّع حيث قال فيه عليهالسلام : « إن شاءت أن تغتسل فعلت ، وإن لم تفعل فليس عليها شيء ، فإذا طهرت اغتسلت غسلاً واحداً » فإنّ هذا يعطي لمن تأمّله أنّ غسل الجنابة لو قدّمته حال الحيض كفاها ويكون الغسل بعد الطهر للحيض ، ولو لم تغتسل كفاها الغسل الواحد عن الأمرين ، فينبغي تأمّل جميع ذلك ، وإن كانت الثمرة بالنسبة إلىٰ عدم صحّة الروايتين قليلة ، إلّا أنّ كلامنا علىٰ تقدير العمل .
__________________
(١) في « رض » : الأوّل .