وأنت تعلم أنّ الأخبار المعتبرة لا دلالة فيها علىٰ المشتبه ، والحمل عليه كما ذكره جماعة من المتأخّرين (١) ، محل بحث ، إلّا أن يقال : إنّ الأخبار متناولة للمشتبه والمحقَّق ، ولمّا خرج المحقَّق بقي المشتبه ، وفيه كلام من حيث ما قاله المذكور كلامه ، فإنّه متوجه لولا أنّ ظاهر الأخبار يفيد خلافه ، وبالجملة فالمقام لا يخلو من إشكال ، والله تعالىٰ أعلم بالحال .
والخبر الرابع : كما ترىٰ ظاهره إعادة الصلاة الواقعة بين رؤية البلل والغسل ، إلّا أنّ جماعة من المتأخّرين قالوا بعدم إعادة الصلاة ، لأنّ هذا حدث جديد (٢) ، وحمل بعض الأصحاب الحديث علىٰ الاستحباب ، أو علىٰ من صلّىٰ بعد وجدان البلل (٣) ، وفيه : أنّه احتمال بعيد من الرواية ، والاستحباب لا بد له من موجب مع ظهور الرواية ، وكون البلل حدثا جديدا محل كلام .
ونقل ابن إدريس عن بعض الأصحاب القول بوجوب إعادتها (٤) . وفي الذكرىٰ : لعل مستنده الحديث المتقدم عن محمد ، ويمكن حمله علىٰ الاستحباب ـ إلىٰ أن قال ـ : وربما يخيل فساد الغسل الأوّل ، لأنّ المني باق بحاله في مخرجه لا في مقرّه ، كما قال بعض العامة ، وهو خيال ضعيف ، لأن المتعبد به هو الغسل ممّا خرج لا ممّا بقي ، ولهذا لو حبسه لم يجب الغسل إلّا بعد خروجه عندنا وعند أكثرهم (٥) . . . انتهىٰ .
__________________
(١) منهم المحقق في المعتبر ١ : ١٩٣ ، والأردبيلي في مجمع الفائدة ١ : ١٣٨ ، وصاحب المدارك ١ : ٣٠٤ .
(٢) منهم المحقق في المعتبر ١ : ١٩٣ ، والشهيد في الذكرىٰ ٢ : ٢٣٦ ، والشيخ البهائي في الحبل المتين : ٤٤ .
(٣) كالشهيد في الذكرىٰ ٢ : ٢٣٦ .
(٤) السرائر ١ : ١٢٣ .
(٥) الذكرىٰ ٢ : ٢٣٦ .