الجماع لمّا كان مشروطاً بعدم الحيض فلا بدّ من العلم بالشرط قبله ، فإذا لم يسأل فقد فرّط . وفيه : أنّه يجوز أن يكون الجماع جائزاً ما لم يعلم بالحيض ، نعم لو قرب إبّان (١) الحيض أمكن أن يقال : بحصول الظن بالحيض فيحتاج إلىٰ السؤال . وفيه ما لا يخفىٰ ( ولم أَرَ تحرير المقام في كلام الأصحاب ) (٢) .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّه يبقىٰ في المسألة اُمور لا بدّ من التنبيه عليها :
الأوّل : قد قدّمنا في الأخبار السابقة أنّ النهي عن الإيقاب لا معارض له ، غير أنّ الإيقاب محتمل لأن يراد به في القبل أو الدبر ، فلا يكون نصّاً في المنع من الدبر ، إلّا أن يقال : إنّه عام ، لأنّ النهي عن إيجاد ماهيّة الإيقاب يقتضي عدم إيجادها في فرد ، فيؤول إلىٰ العموم .
ومن هنا يظهر أنّ ما قاله بعض محقّقي المعاصرين ـ سلّمه الله ـ : من أنّ الحديث بظاهره يدل علىٰ المنع من وطء المرأة في دبرها . محل بحث أمّا أولاً : فلأنّ الدلالة إنّما تستفاد علىٰ الوطء في الحيض لا مطلقاً ، وأمّا ثانياً : فلأنّ التناول للدبر إنّما يتم بالتقريب الذي ذكرناه ، ومع ذلك فيه نوع بحث ، فليتأملّ .
الثاني : قال الشيخ في التهذيب بعد رواية عبيد الله الحلبي الدالة علىٰ أنّه يتصدّق علىٰ كل مسكين بقدر شبعه : إذا كانت قيمته ما يبلغ الكفّارة (٣) ، ثم قال : والذي يكشف عن ذلك ، وذكر رواية عبد الملك بن عمرو الدالة
__________________
(١) إبّان الشيء بالكسر : حينه ـ القاموس المحيط ٤ : ١٩٦ ( أبَنَهُ ) .
(٢) بدل ما بين القوسين في « فض » : ولم أرَ تحرير الأصحاب ، وفي « رض » : ولم أرَ تحرير الأصحاب المقام في كلام .
(٣) التهذيب ١ : ١٦٣ / ٤٦٩ ، الوسائل ٢ : ٣٢٨ أبواب الحيض ب ٢٨ ح ٥ .