ومعارضة ما دل علىٰ أنّ كل غسل قبله وضوء موقوفة علىٰ الصحة .
وإذا تمهّد هذا كله : فاعلم أنّ شيخنا المحقق ـ أيّده الله ـ قال في فوائد الكتاب : إنّ الرواية المتضمنة لأنّ كل غسل قبله وضوء إلّا غسل الجنابة قاصرة بالإرسال ، وإن كان المُرسِل ابن أبي عمير .
واحتمل في بعض الطرق كون الواسطة حماد بن عثمان الثقة ، ولا تدل أيضاً علىٰ وجوب هذا الوضوء ، بل علىٰ أنّ قبله وضوء في الجملة ، فجاز أن يكون علىٰ سبيل الندب زيادةً في التطهير ورفعاً لاستبعاد أهل الخلاف ، ولا يتأتّىٰ مثله في غسل الجنابة ، لأنّ الآية ظاهرة في عدم الوضوء معه ، بل ما تقدم من عدم الوضوء بعد الغسل .
وهذا كلّه يقتضي أنّ الوضوء ليس واجباً ولا له دخل في الاستباحة ، وإلّا لم يتفاوت الحال بين فعله قبل وبعد ، وأمّا الوضوء المندوب غير المبيح فيناسب اختصاص وقوعه بما قبل الغسل في الحائض ونحوها ، بخلاف الوضوء المبيح ، وأيضاً فإنّ هذا الوضوء لو كان واجباً لكان ينبغي أن يبيّن أنّه لو ترك قبل الغسل نسياناً يفعل بعده ، أو يعاد الغسل ، [ و ] (١) لم يبيّن ذلك في شيء من هذه الروايات ، بل ظاهر إطلاق كون الوضوء بعد الغسل بدعة يقتضي عدمه حينئذ ، وإعادة الغسل بعد الوضوء مع دخوله في ظاهر هذا الإطلاق لا أعرف به قائلاً ، مع اقتضاء ظاهر روايات صحيحة انتفاء الوضوء مع الغسل مطلقاً . انتهىٰ كلامه ـ أيّده الله ـ .
وأنت إذا تأمّلته لا يخفىٰ عليك حقيقة الحال ، وفي ظنّي أنّ بعض الأصحاب قائل بأنّ الوضوء جزء الرافع (٢) ، هذا .
__________________
(١) ما بين المعقوفين أضفناه لاستقامة العبارة .
(٢) منهم ابن حمزة في الوسيلة : ٥٦ ، والعلّامة في المختلف ١ : ٢٠٨ .