والثالث : لا يخفىٰ حسنه .
والرابع والخامس : لا ارتياب في صحتهما علىٰ ما قدّمناه .
المتن :
في الأولين ما قاله الشيخ لا يخلو من وجه ، غير أنّ ما ذكره من اعتبار الجريان يريد به ولو بمعاون ، كما ذكره المتأخرين (١) ، وقد قدّمنا فيه القول ، وإن أمكن المناقشة في قول الشيخ : إنّه لو لم يجر لم يسمّ غاسلاً .
وما استدل به رحمهالله من الخبرين لا يخلو من تأمّل ، أمّا الأوّل : فلأنّ دلالته من حيث المفهوم ، وبتقدير تماميته ظاهر ، ومنطوق الثاني خلافه ، إلّا أن يقال : إنّ الثاني مجمل والأوّل مبيّن ، فيحمل عليه . وفيه ما فيه ، وأما الثاني : فغير خفيّ دلالته علىٰ خلاف مطلوب الشيخ .
وبالجملة : فيما قدمناه كفاية بالنسبة إلىٰ ما هو المقصود هنا ، نعم ينبغي أن يعلم أنّ الشيخ رحمهالله أجمل المقام ، فإنّ الأخبار الأوّلة الدالة علىٰ الصاع للغسل لا ريب أنّها للاستحباب ، وهذه الأخبار منها ما هو دالّ علىٰ إجزاء ما يبلّ الجسد ، وهذا لا ريب أنّه لا يعارض الاستحباب ، وما دل منها علىٰ اعتبار الجريان ، ( ينبغي أن يذكر في مقام المعارضة لما دل علىٰ إجزاء مثل الدهن ، ثم يحمل علىٰ الجريان ) (٢) ولو بمعاون ، أو بيّن أنّ الدهن مبالغة ، والحال في كلام الشيخ ما ترىٰ .
ثم إنّ الأخبار المذكورة فيها إطلاق وفيها تقييد بالنسبة إلىٰ الغسل ، لكنّ الأصحاب لم يذكروا الفرق بين الأغسال علىٰ ما رأيت .
__________________
(١) منهم الشهيد في المسالك ١ : ٤١ ، وصاحب المدارك ١ : ٢٩١ .
(٢) ما بين القوسين ساقط من « رض » .