للمذي حالتين بحسب المفهوم ، إلّا أنّه قابل للتوجيه إذا لم يتحقق المذي من دون الشهوة .
إذا عرفت هذا فما قاله الشيخ رحمهالله من إمكان أن يكون الاستحباب في إعادة الوضوء إذا كان المذي بشهوة ، إن أراد به بيان الجمع بين الأخبار السابقة ، ففيه : أنّ ظاهر خبر إسحاق أنّ المذي ليس بشيء ، وكذلك خبر عنبسة نظراً إلىٰ الإطلاق ، ومفاد خبر محمد بن إسماعيل الوضوء من المذي مطلقاً ، وذكر قصة النبي صلىاللهعليهوآله مؤيّدة العموم في الجانبين .
وحينئذ فالحمل علىٰ المذي الحاصل من الشهوة يحتاج تماميته إلىٰ تكلف زائد ، بل في الظن أنّه لا يسلم من المناقشة كما يعلم من مراجعة الأخبار وإعطائها حق النظر .
وحكىٰ العلّامة في المختلف عن ابن الجنيد أنّه قال : إذا خرج المذي عقيب شهوة نقض الوضوء ، ثم قال العلّامة : لنا وجوه : الأوّل أنّه ممّا يعمّ به البلوىٰ ويحصل لأكثر الناس في أكثر الأوقات ، فلو كان ناقضاً لوجب أن يعلم من الدين كما يعلم نقض البول والغائط (١) . وأطال التوجيه بما لا يخلو من تأمّل ، وقد ذكرته في حاشية التهذيب .
وكذلك بقية الوجوه كاستصحاب الحال ، لأنّه قبل خروج المذي متطهر فكذلك بعده .
وفيه : أنّه معارض بأنّ مقتضىٰ الآية الشريفة وجوب الوضوء علىٰ كل من أراد القيام إلىٰ الصلاة ، فإذا خرج المتطهر بما اتفق عليه بقي غيره ، ومنه من أمذىٰ .
__________________
(١) المختلف ١ : ٩٤ .