وأنت خبير بأنّه يستفاد من خبر هشام عدم وجوب الموالاة في الغسل كما هو المشهور بين الأصحاب ، بل قيل : إنّه متفق عليه (١) ، واستدل علىٰ عدم الوجوب بصدق الامتثال بدونها ، وبصحيح إبراهيم بن عمر اليماني ، عن أبي عبد الله عليهالسلام قال : « إن عليّاً عليهالسلام لم ير بأساً أن يغسل الجنب رأسه غدوة وسائر جسده عند الصلاة » (٢) .
ولا يذهب عليك أنّ ظاهر الحديث المستدل به مع هذه الرواية عدم صحة غَسل بعض الرأس مع أنّ إطلاق عدم وجوب الموالاة يقتضي الصحة ، مضافاً إلىٰ إطلاق الأمر الذي قالوه ، ولم أر من ذكر ذلك من الأصحاب .
أمّا ما قد يقال : من أنّ بعض الاستدلال في الوضوء يتناول الغسل . فجوابه الخروج بالدليل ، فليتأملّ .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ خبر محمد بن مسلم وغيره من الأخبار الدالة علىٰ تقديم الرأس لا يخلو من إجمال في حقيقة الرأس ، فيحتمل أن يراد به منابت الشعر خاصة ، ويحتمل إرادة المنابت مع الرقبة . وذكر شيخنا قدسسره : أنّ صحيح يعقوب بن يقطين يدل علىٰ أنّ الرأس المنابت خاصة (٣) ، والرواية لم يحضرني الآن سندها ، لكن متنها : « ثم يصب الماء علىٰ رأسه وعلىٰ وجهه وعلىٰ جسده كله » وكان وجه استفادة ما قاله من ذكر الوجه بعد الرأس ، ولا يخفىٰ عليك الحال بسبب بقاء نوع إجمال .
__________________
(١) قال به الشيخ البهائي في الحبل المتين : ٤١ .
(٢) الكافي ٣ : ٤٤ / ٨ ، التهذيب ١ : ١٣٤ / ٣٧٢ ، الوسائل ٢ : ٢٣٨ أبواب الجنابة ب ٢٩ ح ٣ .
(٣) مدارك الأحكام ١ : ٢٩٤ .