والذي يمكن أن يقال هنا : إنّ الغسل لا ريب أنّ نفسه هو المفسد ، والظاهر من النهي إنّما هو عن الاغتسال وإجراء الماء علىٰ العضو والحركة والنية ، فيكون النهي متوجّهاً إلىٰ الغسل وجزئه علىٰ تقدير دلالة الخبر .
وينقل عن ابن إدريس أنّه خصّ الحكم بالارتماس مدّعياً عليه الإجماع (١) .
وذكر بعض المتأخّرين أنّ الجنب إذا اغتسل مرتمساً طهر بدنه من الحدث ونجس بالخبث ، وإن اغتسل مرتّبا أجزأه غسل ما غسله قبل دخول الماء إلىٰ البئر (٢) . وهذا يقتضي أن يصير الماء مستعملاً بأول جزء من الغسل ، وقد بيّنا في حاشية الفقيه ما يدل علىٰ أنّ المستعمل لا يتحقق بذلك ، وقدّمنا أيضاً في هذا الشرح ما يدل علىٰ ذلك .
وحكي جدّي قدسسره في شرح الإرشاد : أنّ مذهب العلّامة في المختلف وشيخه المحقق أنّ الحكم بالنزح لكونه مستعملاً فيكون لسلب الطهورية ، قال : ويشكل بإطلاق النصوص وبحكم سلّار وابن إدريس وجماعة من المتأخّرين بوجوب النزح مع طهورية المستعمل عندهم ، وباستلزامه القول بعدم وجوب النزح ، لأنّه فرّعه علىٰ القول بسقوط طهورية المستعمل ، وهو لا يقول به ، فيلزم عدم القول بالنزح ، والذي اختاره في المنتهىٰ هو التعبد (٣) انتهىٰ .
والذي في المختلف هذه صورته : بقي هنا بحث وهو أن يقال : إذا
__________________
(١) نقله عنه في المختلف ١ : ٥٣ ، وهو في السرائر ١ : ٧٢ و ٧٩ .
(٢) الشهيد الثاني في المسالك ١ : ١٨ .
(٣) روض الجنان : ١٥٤ .