وأمّا ظاهر القرآن : فاحتمال عموم آية الوضوء (١) للجنب قائم ، والتقسيم لا ينافيه ، لتحققه مع الغسل المقتضي لجعله قسماً ، وادعاء رجحان إرادة الغسل من دون الوضوء محل كلام .
والخبر السابق الدال علىٰ أنّ الآية تقتضي عدم الوضوء مع الغسل (٢) ضعيف ، إلّا أنّه يمكن ترجيح الظهور بوجه من الاعتبار ، غير أنّ مجال البحث واسع ، وبالجملة فالقطع بنفي احتمال الاستحباب محل كلام ، نعم لو أعطىٰ المتأمّل الأخبار حق التأمّل لا يبعد نفي الاستحباب منها .
ولشيخنا المحقق ـ أيّده الله ـ احتمال لا بأس به في الرواية وهو أن يراد بالوضوء (٣) : غَسل اليد من المرفق ، وهو وإن بَعُد من حيث ذكر غَسل الكفّين أوّلاً ، إلّا أنّه قابل للتوجيه .
ثم إنّ التقية ليست من جهة الراوي ليظن عدم إيمانه ، بل باعتبار نقل ذلك عن الإمام ليعلم المخالفون عدم المخالفة لمذهبهم ، أو لحضور من يتّقىٰ غيره .
أمّا ما قاله الشيخ في الخبر الثاني (٤) فبعيد أيضاً لكنه ممكن ، ويحتمل أن يراد أنّ الوضوء قبله مشروع وبعده بدعة ، وهذا أنسب بمراد الشيخ ، ولا يستبعد فهم الشيخ ذلك كما يظهر من سياق كلامه ، وفي بعض الأخبار الوضوء بعد الغسل بدعة (٥) .
وأمّا حكم غير غسل الجنابة فقد تقدّم منّا فيه كلام ، ونزيد هنا : أنّ
__________________
(١) المائدة : ٦ .
(٢) راجع ص ٢٥٦ .
(٣) في النسخ زيادة : في ، حذفناها لاستقامة المعنىٰ .
(٤) راجع ص ٢٨٣ .
(٥) التهذيب ١ : ١٤٠ / ٣٩٥ ، ٣٩٦ ، الوسائل ٢ : ٢٤٥ أبواب الجنابة ب ٣٣ ح ٥ ، ٦ .