الحديث علىٰ ما لا ينافي جواز الاستظهار ، فإنّ الأمر بالغسل في الحديث يقتضي عدمه ، وإذا حمل علىٰ عدم الدم تم الحديث في عدم المنافاة للاستظهار ، لا أنّ عدم الدم يوجب الغسل من غير استظهار ، وما قلته من أنّ المراد دم الحيض هو الموجب للإشكال .
نعم قد حكىٰ العلّامة في المختلف عن الشيخ أنّه قال : إذا انقطع الدم عن ذات العادة وكانت عادتها دون عشرة أيّام أدخلت قطنة ، فإن خرجت نقيّة فقد طهرت ووجب عليها الغسل ، وإن خرجت ملوّثة بالدم استظهرت بيوم أو يومين في ترك العبادة ، ونقل عن ابن إدريس أنّه لا استظهار مع الانقطاع ، بل إنّما يكون مع وجود الصفرة والكدرة .
ثم إنّ العلّامة استدل علىٰ مختاره ـ وهو قول الشيخ ـ برواية محمد ابن مسلم المنقولة هنا من التهذيب ، ورواية ابن أبي نصر المذكورة في الكتاب ، وحكىٰ عن ابن إدريس الاحتجاج لقوله بأنّ الأصل وجوب العبادة ، وأجاب العلّامة بأنّ الأصل براءة الذمّة (١) .
وفي نظري القاصر أنّ الكلام أوّلاً وآخراً لا يخلو من نظر .
أمّا الأوّل : فلأنّ الظاهر من كلام الشيخ المنقول أنّ خروج القطنة ملوّثة بالدم يقتضي الاستظهار ، وكلام ابن إدريس مفاده أنّه لا استظهار مع الانقطاع ، بل مع وجود الصفرة والكدرة ، وهذا كما ترىٰ لا يقتضي المخالفة بين الكلامين إلّا من حيث ذكر ابن إدريس الصفرة ، فكأن العلّامة ظنّ أن قول الشيخ يفيد كون الاستظهار مع الدم ، وبدونه لا استظهار ، ومع الصفرة لا دم فلا استظهار .
__________________
(١) المختلف ١ : ١٩٩ .