وأنت خبير بأنّ الصفرة لا تنافي الدم ، بل الدم ينقسم إلىٰ الأصفر وغيره ، إلّا أن يقال : مع إطلاق الدم إنّما يراد غير الأصفر ، وفيه ما لا يخفىٰ .
وأما الثاني : فلأن استدلال العلّامة بالرواية إن كان المراد إثبات الاستظهار مع وجود الدم فالرواية غير مقيّدة بالدم ، بل الظاهر من قوله : « وإن لم تر شيئاً » نفي الدم بجميع صفاته ، ولو حملت الرواية علىٰ أنّ الدم إذا وجد اقتضىٰ الاستظهار ، وإن لم يوجد انتفىٰ ، سواء كانت الصفرة أو لا زاد الإشكال بأنّ الظاهر من الدم دم الحيض ، واللازم حينئذ أنّه مع وجود دم الحيض تحقق الاستظهار ، ومع عدم دم الحيض لا استظهار ، والحال أنّ القائل بهذا غير معلوم ، والأخبار المعتبرة لا تساعد عليه ، بل تدل علىٰ نفيه .
إذا عرفت هذا فاعلم أنّ احتجاج ابن إدريس لا أدري موافقته لدعواه ، فإن الظاهر منها أنّه لا استظهار مع انقطاع الدم أصلاً ، بل هو مع الصفرة والكدرة ، والاستدلال حينئذ بأنّ الأصل وجوب العبادة إن أراد به مع عدم الصفرة والكدرة كما هو ظاهر دعواه فالجواب من العلّامة بأنّ الأصل براءة الذمّة غير تامّ ، لأن العلّامة قائل بعدم الاستظهار ، فكيف يقول بالأصل المذكور ؟ وإن أراد ابن إدريس غير ما ذكرناه فلا وجه له .
وبالجملة : ـ فكلام العلّامة مجمل المرام علىٰ ما أظنّه ، ولا يبعد أن يكون التفات العلّامة إلىٰ ما تضمنه الرواية من قوله : « وإن رأت بعد ذلك صفرة » فإنّ ظاهر هذا أنّ ما سبق إنّما كان دماً ولا يكون الصفرة دماً ، وأنت خبير بما في هذا من التأمّل ، علىٰ أنه يبقىٰ الإشكال في الاستدلال منه ومن ابن إدريس ، فليتأمّل .
وينبغي أن يعلم أنّ الخبر
الأخير دال علىٰ أنّ المرأة بعد الاستظهار