المجامعة حينئذ ، إذا كان النهي للكراهة بدون ذلك ، إذ القائل بالتحريم غير منقول فيما وقفت عليه ، بل الشيخ قائل هنا بالكراهة ، علىٰ تقدير أن يكون ما يذكره هنا قولا ، وقد نقل عنه أنّه قال بالكراهة أيضا في غير الكتاب (١) ، وكذلك المفيد (٢) ، والمرتضىٰ (٣) .
وأمّا ابن بابويه : فإنّه قال : لا بأس أن يختضب الجنب ويجنب وهو مختضب (٤) . ولا يبعد أن يكون مراده ما تضمن الخبر ، غير أنّ الخبر كما ترىٰ خاص بالحنّاء في التعليل ، فلا يبعد أن يكون صدره مراداً به الحنّاء ، إلّا أنّ المصرح به في كلام بعض المتأخّرين أنّ الخضاب ما يتلوّن به من حنّاءٍ وغيره (٥) ، وسيأتي كلام بعض أهل اللغة ، وعلىٰ تقدير الشمول في الخضاب يحتمل أن يخص زوال الكراهة في الحنّاء بما ذكر في الخبر ، ويبقىٰ غير الحنّاء علىٰ الإطلاق .
والخبر الثاني : يحتمل أن يخص كما خص الأول ، أو يخص بغير الحنّاء ويبقىٰ النهي فيه علىٰ إطلاقه ، وكذلك الثالث .
ولا يخفىٰ أنّ الأوّل فيه اختصاص أيضاً بالجنب ، ومن هنا يعلم ما في إطلاق الشيخ الكراهة من التأمّل ، وسيأتي الكلام فيه أيضاً .
وقد تقدم النقل عن المفيد أنّه علّل الكراهة بمنع وصول الماء إلىٰ ظاهر الجوارح التي عليها الخضاب (٦) ، وكذلك تقدم قول المعتبر : من أنّ المفيد كأنّه ناظر إلىٰ أنّ اللون عرض لا ينتقل ، فيلزم حصول أجزاء من
__________________
(١ و ٢ و ٣) نقله عنهم في المنتهىٰ ١ : ٨٩ ، وهو في المبسوط ١ : ٢٩ ، والمقنعة : ٥٨ .
(٤) الفقيه ١ : ٤٨ .
(٥) جامع المقاصد ١ : ٢٦٨ ، مدارك الأحكام ١ : ٢٨٨ .
(٦) المقنعة : ٥٨ .