في المضارع ، وفي الفقيه غير موجود (١) ، ثمّ إنّه واضح الدلالة من حيث التعليل بأنّه عملهم على أنّ من كان السفر عمله وجب عليه التمام ، لا مطلق كثرة السفر ، كما هو مذكور في كلام المتأخّرين ، وعرّفوا كثير السفر بأنّه الذي يسافر إلى المسافة ثلاث سفرات لا يتخلل بينها حكم الإتمام ولا يقيم عشرة أيّام في بلده مطلقا وفي غيره مع النيّة. فإنّ استفادة ما قالوه من الأخبار محلّ تأمّل.
غاية الأمر أنّ التعليل في الخبر المذكور لا يخلو من إجمال ؛ لأنّه إن أُريد بالعمل المداومة على السفر أشكل بمداومة من لم يتّصف بالأوصاف المذكورة في الأخبار ، مع أنّ ظاهر الخبرين وغيرهما نوع اختصاص يمكن معه ادّعاء أنّ العلّة خاصّة بالمذكورين ، ولا ينافي ذكر الأربعة اختصاص خبر محمّد بن مسلم بثلاثة بعضها موافق ، وبعضها زائد ؛ لأنّ خبر ابن مسلم لا حصر فيه ، وذكر الأربعة محتمل لأنّ يكون لا للحصر.
وإن أُريد بالعمل تكرّر السفر وإن لم يكن مستداماً (٢) أمكن توجيه ما قاله المتأخّرون ، لولا ما يظهر من الأخبار أنّ لصدق الوصف في البعض مدخلاً وإن لم يتكرّر السفر ، إلاّ أن يقال : إنّ التكرّر إذا استفيد من الخبر المعلّل يقيّد به الخبر المطلق. وفيه : أنّ التقييد يقتضي ملاحظة الأمرين من الوصف والتكرّر والمتأخّرون لم يقيّدوا.
ومن هنا يعلم أنّ ما قاله شيخنا قدسسره بعد ذكر الرواية المعلّلة : إنّه يستفاد منها أنّ كلّ من كان السفر عمله يجب عليه الإتمام ، وينبغي أن يكون المرجع في ذلك إلى العرف (٣). محلّ نظر.
__________________
(١) الفقيه ١ : ٢٨١ / ١٢٧٦.
(٢) في « د » زيادة : ما.
(٣) مدارك الأحكام ٤ : ٤٥٠.