وما قاله شيخنا قدسسره : من أنّ السفر للقوت لا ريب في التقصير فيه (١). قد قدّمنا القول فيه (٢) مفصّلاً فيما مضى ، خوفاً من عدم مساعدة الزمان إلى الوصول إلى هذا المكان ، والحاصل أنّ الإجماع إن انعقد على أنّ المتصيّد للقوت يلزمه التقصير فلا كلام ، وإلاّ فإطلاق رواية عمّار يحتاج إلى ما يثبت به تقييده ، والأخبار التي تصلح لذلك لا يخلو من قصور في السند سوى رواية زرارة ، والجواب فيها لا يخلو من إجمال كما نذكره.
وأمّا الرواية المبحوث عنها فلا يخفى أنّه قد يستبعد إطلاقها ، لأنّ كل الصيد ليس بمسير باطل ، إذ منه ما هو واجب إذا اضطرّ الإنسان إليه للقوت. ويدفعه جواز التقييد بالدليل.
والثاني : كالأول ، وقد تقدّم القول فيه (٣) من جهة التعليل ؛ إذ قد يستفاد منه التمام في كل مسير غير حق.
وأمّا الثالث : فالظاهر منه أنّ الخروج إلى الصيد لهو وإن كان للقوت ، ولا مانع من كون الشارع جعل السعي في القوت من غير الصيد لحكمةٍ لا نعلمها.
والرابع : ظاهر في الإطلاق ، ولو صحّ لأمكن أن يقيّد بغير اللهو فله تقييد وفيه إطلاق.
والخامس : لا يكاد يحوم حوله التوجيه ، ولو صحّ لأمكن القول بظاهره ، ويخصّ به غيره إن لم ينعقد الإجماع على خلافه ، وما قاله الشيخ في توجيهه غريب ؛ لأنّ صريح الخبر الفرق بين الثلاثة أيّام وتجاوزها ،
__________________
(١) مدارك الاحكام ٤ : ٤٤٨.
(٢) راجع ص ١١٤٩.
(٣) راجع ص ١١٤٩.