أنّ التخيير ليس في الفردين ، فحينئذ لو سافر بعد دخول الوقت لا يكون الإتمام أفضل ، لكن هو مخيّر بينهما على حدٍّ سواء لم يظهر من كلامه ذلك ، إلاّ أنّ الجمع بين الأخبار بالتخيير مطلقاً محتمل ، وقد يستفاد من خبر إسماعيل على تقدير عود التأكيد إليهما أو إلى الأخير استحباب اختيار القصر ، أمّا استفادة استحباب التمام في القدوم منها فموقوف على الجزم بعود التأكيد إليهما.
وظاهر الشيخ كما ترى استفادة الاستحباب من رواية إسماعيل ، وكأنّه ليس من حيث التأكيد ، بل من حيث إنّ فعل الأربع لا يساوي فعل الثنتين (١) ، إذ ( خير الأعمال أحمزها ) (٢) ، وغير خفي أنّ هذا يستلزم استحباب الأربع بعد الخروج ، إلاّ أن يقال : إنّ ظاهر التأكيد يعارضه. أما استدلال الشيخ بالرواية الأخيرة على الاستحباب فلا يخلو من تأمّل لولا ما قلناه.
وفي فوائد شيخنا قدسسره على الكتاب هذه الرواية يعني رواية إسماعيل ابن جابر صحيحة واضحة الدلالة على أنّ الاعتبار في التقصير والإتمام بحال الأداء ، فيتعيّن العمل بها ، [ ويؤيّدها (٣) ] عموم ما دلّ على أنّ فرض المقيم الإتمام والمسافر القصر (٤). وفي فوائد شيخنا ـ أيّده الله ـ : وأيضاً في الصحيح عن عيص بن القاسم قال : سألت أبا عبد الله عليهالسلام عن الرجل يدخل عليه وقت الصلاة في السفر ثم يدخل بيته قبل أن يصلّيها (٥)؟ قال
__________________
(١) في « رض » : الاثنين.
(٢) مأخوذ من حديث نبوي معروف رواه ابن عباس عن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم راجع النهاية لابن الأثير ١ : ٤٤٠ ( حمز ).
(٣) في النسخ : ويؤيد بها ، والظاهر ما أثبتناه.
(٤) الوسائل ٨ : ٤٩٨ أبواب صلاة المسافر ب ١٥.
(٥) في « رض » : يصلي.