إذا عرفت هذا فاعلم أنّ الحديث الثالث يدلّ على أنّ وقت المضطر في الجملة من أوّل الفجر إلى طلوع الشمس ، وظاهر الحال أنّ ذكر طلوع الفجر لا دخل له بالضرورة ، لأنّه وقت فضيلة على ما مضى.
ويمكن الجواب : بأنّ وقت المضطر ممتدّ من أوّل الاختيار إلى آخر الاضطرار.
وفيه : أنّ ذكر وقت الاختيار للمضطرّ غير ظاهر الوجه ، ولعلّ المراد أنّ الإنسان لمّا كان له حالتان : حالة اختيار وحالة اضطرار ، أراد عليهالسلام أن يبيّن أنّ وقت الإنسان ممتدّ إلى طلوع الشمس من أوّل الفجر ، وإن كان قد يختلف الأشخاص بالاختيار والاضطرار ، فليتأمّل.
ويحتمل أن يراد بما بين طلوع الفجر بيان الامتداد في الأثناء ، لا من الأوّل ، وفيه نوع بُعد ، إلاّ أنّه قابل للتوجيه ، هذا بالنسبة إلى قول الشيخ بوقتي الاختيار والاضطرار ، ولو قيل بوقتي الفضيلة والإجزاء أمكن أن يقال : إنّ المضطر إذا فعل في وقت الإجزاء كان له وقت فضيلة ، وحينئذ يكون الخبر مفاده أنّ الفضيلة لمن ذكر ممتدّة إلى طلوع الشمس ، لكن لا على وجه التأخير عمداً ، بل لو انتبه من النوم أو عاقه أمر وزال العائق شرع في الصلاة ، ومن هنا يندفع ما يتوجّه على الشيخ في استدلاله بالخبر المبحوث عنه.
والرابع : كما ترى ظاهر في أنّ وقت الصبح حين ينشقّ الفجر إلى أن يتجلّل الصبح السماء ، فإن حمل على الفضيلة كان أوّل الفضيلة الانشقاق ، وفيه : أنّ بعض الأخبار دالة (١) على الإضاءة الحسنة ونحو ذلك إلاّ بالحمل السابق.
__________________
(١) في « فض » : دال.