والثاني : واضح الدلالة على البدأة بالوتر وتأخير الركعات حتى يقضيها في صدر النهار ، وهذا لا يدل على ما نقلناه عن بعض الأصحاب ، لأنّه قال : فَعَل الوتر مخفّفاً (١) ، والخبر لا يتضمن ذلك.
ولا يخفى أنّ هذا لا ينافي ما قدّمناه من احتمال الاجتزاء بالوتر على تقدير الابتداء به في خبر محمد بن مسلم في الباب السابق (٢) ، لأنّ هذا الخبر مورده فعل الوتر بعد أن صلّى أربعاً بخلاف ذلك ، ولا يظن الأولوية بعد وجود الخبر هذا على تقدير العمل به.
وما يقال : من أنّ أخبار السنن تتسامح فيها ؛ لحديث : « من بلغه شيء من الثواب على عمل » الحديث (٣). ففي نظري القاصر أنّ الظاهر من الخبر هو أن يبلغ الإنسان شيء من الثواب على عمل ، لا نفس العمل الذي فيه الثواب ليدخل المستحب ، حيث إنّ من لوازمه الثواب ، فإنّ هذا وإن احتمل ، إلاّ أنّ ما قلناه قد يدّعى ظهوره ، وينبّه عليه أنّهم لم يستدلوا به في الواجب ، إذا ثبت بخبر ضعيف ، مع أنّ الثواب فيه حاصل.
ولو قيل : إنّ ثواب الواجب مقرون بكونه واجباً ، فإذا لم يثبت لا يكون واجباً فلا ثواب.
قلت : فكذا المستحب.
واحتمال أن يقال : إنّ فعل الواجب بقصد مطلق الثواب للخبر الضعيف لا مانع منه.
فيه : أنّ فعل المستحب إن كان لمطلق الثواب لا ثواب المستحب ،
__________________
(١) كالأردبيلي في مجمع الفائدة ٢ : ٣٧.
(٢) راجع ص ١٣٨٥.
(٣) ثواب الأعمال : ١٦٢ ، الوسائل ١ : ٨٠ أبواب مقدمة العبادات ب ١٨ ح ١.