والمروي في معاني الأخبار عن النبي صلّى الله عليه وﺁله وسلّم : « إنه نهى عن تقصيص القبور » قال : وهو التجصيص (١) .
وإطلاقها يقتضي عدم الفرق بين الظاهر والباطن .
وربما تخصّ الكراهة بالباطن دون الظاهر ؛ جمعاً بينه وبين ما تقدّم من أمر مولانا الكاظم عليه السلام بتجصيص قبر ابنته (٢) ، فإنّ الظاهر منه تجصيص الظاهر ، ولا بأس به .
وربما يجمع بتخصيص التجصيص المباح بهم وبأولادهم ؛ لجوازه في قبور الأنبياء والأئمة وأولادهم والعلماء والصلحاء ، لاستمرار الناس عليه من غير نكير ، مع كونه تعظيماً لشعائر الله وتحصيلاً لكثير من المصالح الدينية ، مضافاً إلى ورود أخبار المنع مورد الغالب ، وهو ما عداهم .
وفيه : أنّ الجمع بما ذكر وإن كان ممكناً ، إلّا أنه لا دليل على تعيينه حتى يوجب تخصيص المانع ، لجواز الجمع بما مرّ ، أو بالفرق بين الابتداء والاندراس ، كما عن الشيخ والكركي (٣) ، أو بوجود داعٍ آخر لم نطّلع عليه .
وأمّا تجويزه في قبور من ذكر ، فإن اُريد عدم الحرمة فغيرهم أيضاً كذلك إجماعاً ، وإن اُريد عدم الكراهة فالإِطلاقات تشملها ، وما ذكروه لا يصلح لتقييدها ، لأنّ استمرار الناس ـ لو سلّم ـ فإنّما هو في التعمير والبناء دون التجصيص ، بل لا ندري منهم قبراً مجصّصاً ، سيما باطنه .
وكونه تعظيماً ممنوع ، ولا مصلحة دينية فيه ، وكون الغالب غير من ذكر بحيث ينصرف الإِطلاق إليه ممنوع .
فالأظهر تعميم الكراهة في التجصيص ، مع احتمال قريب في انتفائها في
__________________
(١) معاني الأخبار : ٢٧٩ ، الوسائل ٣ : ٢١١ أبواب الدفن ب ٤٤ ح ٥ .
(٢) الكافي ٣ : ٢٠٢ الجنائز ب ٦٨ ح ٣ ، التهذيب ١ : ٤٦١ / ١٥٠١ ، الاستبصار ١ : ٢١٧ / ٧٦٨ ، الوسائل ٣ : ٢٠٣ أبواب الدفن ب ٣٧ ح ٢ .
(٣) الشيخ في النهاية : ٤٤ ، والمبسوط ١ : ١٨٧ ، والكركي في جامع المقاصد ١ : ٤٤٩ .