أمّا الاُولى فلأنها لا تدلّ إلّا على أنه إذا جازت لها الصلاة جاز وطؤها ، ولا شك أنّ بالخروج عن الحيض تجوز لها الصلاة ، ولا يمنع توقّفها على بعض الشرائط المقدورة عن جوازها ، ولذا يصح أن يقال : إذا لم تكن المرأة حائضاً تحلّ لها الصلاة ، مع أنّها قد تتوقّف على الوضوء والستر وغيرهما . وبالجملة فقد الشرط المقدور بل الواجب تحصيله لا ينافي الحلّية أصلاً .
ويؤكّد إرادة الخروج من الحيض من حلّية الصلاة مسبوقيتها بقوله : « تكف عن الصلاة أيام أقرائها » ولو لا تعيّن ذلك فلا شك في احتماله الموجب لسقوط الاستدلال .
والقول بأنّه مبني على ارتباط قوله : « فإذا حلّت » ورجوعه إلى صدر الخبر ، وهو تعسف ، إذ الظاهر ارتباطه بحكم المستحاضة (١) . ليس بشيء ؛ إذ المجموع حكم المستحاضة ، والضمير في : « لها » راجع إلى المستحاضة المذكورة أوّلاً التي يحكم بتحيّضها أيام أقرائها ، ولا دخل للرجوع والارتباط هنا ، بل جميع الجمل حكم مَنْ نصّ عليه في صدر الرواية بقوله : « المستحاضة . . . » وعلى هذا فتكون دلالة الرواية على ما اخترناه أظهر .
وأمّا الثانية : فبأن الذي أظن من معناها ـ ولا أقل من احتماله ـ أنّ قوله : « وكلّ شيء » عطف على قوله : « بغسل واحد » يعني : ولتجمع كلّ صلاتين بغسل وكذا بكلّ شيء تتوقّف الصلاة عليه من الوضوء وغسل البدن وغيرهما ، فلا يتوقّف كلّ صلاة من الصلاتين على تجديد شيء من هذه الاُمور ، كما لا يتوقّف على تجديد الغسل ، بل تجمع بين كلّ صلاتين بواحد منها ، وقوله : « فليأتها » حكم يتفرع على قوله : « فلتحتط ولتغتسل وتستدخل كرسفاً » .
وأمّا تفريع قوله : « فليأتها » على قوله : « وكل شيء » فلا أرى له سلاسة ، بل وجهاً . مع أنه على فرض تسليم التفريع لا دلالة فيها على وجوب التأخير وعدم
__________________
(١) كما قال به في الحدائق ٣ : ٢٩٣ .