ولا الآية ، كما استدلّ بها تارة باعتبار الأمر بالتيمّم بعد إرادة الصلاة فوراً ، إمّا لأجل دلالة الأمر على الفور ، أو لإِفادة الفاء للتعقيب بلا مهملة ، ومقتضاه الإِتيان بجميع أفعال التيمم متتابعةً بلا فصل لتحقّق الفورية والتعقيب .
واُخرى باعتبار الأمر بمسح الوجه بعد قصد الصعيد والضرب عليه بلا فاصلة ، لأحد الوجهين ، ويتمّ في باقي الأعضاء بعدم الفصل .
لما يرد على الوجه الأول للاعتبار الأول : من منع كون الأمر للفور .
وعلى الثاني : أن الفاء التعقيبية إنما هي العاطفة دون الجزائية .
وعلى الوجهين : عدم وجوب التيمّم بعد الإِرادة فوراً بالإِجماع ، مع أنهما إنما يفيدان لو كان التيمّم في الآية بالمعنى الشرعي وهو ممنوع ، بل قوله : صعيداً ، يعيّن اللغوي .
وعلى الوجه الأول للثاني أيضاً : ما مرّ .
وعلى الثاني : أنه إنما يفيد لو كان المراد بالتيمّم هو الضرب على الصعيد دون ما إذا اُريد به المعنى اللغوي الذي هو القصد ؛ لعدم وجوب الضرب ولا المسح بعد القصد بلا فصل إجماعاً ، فتكون الفاء منسلخةً عن معنى التعقيب قطعاً . ودون ما إذا اُريد به الشرعي ؛ لأنّ الفاء تكون حينئذٍ تفصيليةً ، ولا إفادة للتعقيب لها أصلاً .
ثم لو أخلّ بالموالاة فهل ترك الواجب فقط ، أو يبطل التيمّم أيضاً ؟ ظاهر المدارك : التردّد (١) .
والحق الثاني ؛ إذ يكون المسح المأمور به حينئذٍ ما كان عقيب الضرب بلا تراخٍ ، فلا يكون غيره مأموراً به ، كالواجب الموقّت .
ثم إذا عرفت أنه لا دليل على اعتبارها سوى الإِجماع ، فالواجب الحكم بما ثبت فيه ، فلا يضرّ الفصل القليل .
__________________
(١) المدارك ٢ : ٢٢٨ .