الكفار بالايمان وطلبه ، ولم يرده منهم قطعا ، وإلاّ للزم التخلف وهو محال بمقتضى قوله تعالى : ( إِنَّما أَمْرُهُ إِذا أَرادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ ) (١) ، وللزم ارادة المتضادين منه حيث انّه أراد منهم الكفر أيضا لاسناد كل الحوادث الى الارادة الأزلية بمقتضى عموم قدرته تعالى ، وللزم انقلاب علمه تعالى جهلا لعلمه تعالى بصدور الكفر والفسق ، فكيف يمكن التخلف؟
وحاصل الدفع : انّ ما ذكر من امتناع تخلف المراد [ عن ] (٢) الارادة انما هو فيما كان الايمان مرادا بالارادة التكوينية دون الارادة التشريعية.
توضيحه : بعد معلومية اتحاد صفاته تعالى مع ذاته المقدسة وكذلك كل واحدة مع الاخرى منها مصداقا وعينا لا مفهوما ، انّ ارادته التكوينية عبارة عن علمه تعالى بالمصلحة بحسب النظام الأحسن للعالم ، والمراد من النظام الأحسن له اعطاء فيض الوجود لكل مستعد له ولو مثل الكافر اذا استعدّ له ، ولا مانع عنه بعد كونه تام الافاضة وكون القابل تام الاستعداد لشخص وجوده ، ومساوقة امساك الفيض [ للزوم ] (٣) البخل تعالى عنه علوا كبيرا.
إلاّ أن يكون المراد منه المصلحة القائمة بالمجموع ، المتقومة بالاجزاء ، المستلزمة لتقوّم المصلحة ـ لكل شخص من تلك الجهة ـ بالاجزاء بالأسر ، كي يقال : بعدم وصول مثل النبي صلىاللهعليهوآله لمرتبة الرسالة إلاّ بوجود الكفار في مقابله صلىاللهعليهوآله .
ويرد : بلزوم الجزاف عليه كما هو واضح.
وهذه الارادة مما يمنع تخلف المراد عنها ، بل عينه بناء على كون نفس
__________________
(١) سورة يس : ٨٢.
(٢) في الاصل الحجري ( من ).
(٣) في الاصل الحجري ( في لزوم ).