الموجودات مرتبة من مراتب علمه تعالى كما في بعض الاخبار (١) في الفرق بين ارادته تعالى وارادة غيره : انّ ارادته تعالى قوله.
وامّا الارادة التشريعية فهي : العلم بالمصلحة في أفعال المكلفين الراجعة اليهم. وهذه يمكن تخلف المراد عنها ، ويكون الايمان مرادا من الكفار بهذه الارادة ، وتكون هي الطلب التشريعي ، كما انّ الاولى هي الطلب التكويني ؛ فاتحدت في كل مرتبة مع الطلب في تلك المرتبة ، ولم يلزم ارادة المتضادين في مرتبة واحدة من التكويني والتشريعي ، بل كان أحدهما تكوينيا والآخر تشريعيا ولا مضادة بينهما ، ولا انقلاب علمه الفعلي بصدور الكفر من الكافر جهلا ، لعدم التخلف ، بل ولا امكانه ، لانّ امكان [ المعلول ] (٢) لا يوجب امكان العلة كما قرر في محله.
فان قلت : هب ذلك ، إلاّ انّه يلزم أن يكون صدور الفسق والكفر من الفاسق والكفار بارادته التكوينية بمقتضى تعلق علمه بهما وبما صدر عنهما من الافعال الذي كان موجبا لايجادها ، فيمتنع صدور الايمان والاطاعة منهما فيكونان مجبورين بهما ، فكيف يصح طلبهما منهما بالارادة التشريعية مع لزوم تعلقها بالمقدورات؟
قلت : انّ ما ذكرت من صدور مثل صفة الكفر بالارادة التكوينية بمقتضى تعلق علمه به مسلّم ، ولكنه لا يستلزم الاجبار كي لا يصح الطلب الشرعي بالايمان ، لأنه يكون فيما اذا تعلق علمه بصدوره عنهم بلا توسيط اختيار منهم ، وليس كذلك ، حيث انّ علمه كان متعلقا بصدوره منهم بتوسيط اختيارهم إيّاه بمقدماته من الإخطار والرغبة والعزم والجزم والارادة التي تكون موجبة لتحريك
__________________
(١) الكافي ١ : ١٠٩ باب ( الارادة انها من صفات الفعل ... الخ ) الحديث ٣.
(٢) في الاصل الحجري ( المعلوم ).