قبل ، وإلاّ لزم تحصيل الحاصل ، مع انّه لا يعقل بقاء التخيير بعد تعين الوجوب في ضمن المأتي به بمجرد الشروع وحرمة الابطال ، ولا التخيير بمعنى جواز تبديل ما كان صالحا لحصول الغرض بفرد آخر صالح للغرض وان لم يكن أمر في البين ، وإلاّ فلا اشكال في جوازه.
بل بمعنى التخيير بين الاقتصار على المأتي به وابقائه على قابلية حصول الغرض منه ، وبين الاتيان بفرد آخر أوفى ، بناء على أن يكون متعلق الامر ثبوتا أعم من الايجاد والابقاء على القابلية وان لم يكن كذلك اثباتا ، نظير التخيير بين الاقل والاكثر الارتباطيين وان لم يكن من قبيله ؛ هذا كله في مقام الثبوت.
وامّا الثاني : وهو مقام الاثبات ، فيحتاج الى استكشاف انّ الغرض من المأمور به مما يمكن تحصيله بفرد آخر منه بعد اتيان فرد منه بطريق أوفى كما يظهر من ملاحظة أدلة أفضلية اعادة الصلاة بالجماعة وملاحظة حالات العلماء الأبرار الذين كان من عادتهم اعادة العبادات مرارا ، ولا يثبت ذلك باطلاق المأمور به في الادلة تمسكا بمقدمات الحكمة ، لعدم التفاوت بحسب التعبير : بين ما يمكن الامتثال بعد الاتيان بفرد من المأمور به كما لو كان الغرض [ تدريجي ] (١) الحصول ولم يكن مساوقا لاتيانه ، وبين ما لم يكن كذلك ، فلا يصح التمسك له بالاطلاق كما يظهر من الفصول (٢) لو لم يدّع انّ لازم الاطلاق هو السقوط وعدم جواز التبديل ، إلاّ ان يستكشف كيفية الغرض من الخارج كما عرفت.
ثم انّ تبديل الامتثال وان لم يحرز تحققه عند عدم احراز المصلحة في المأتي به إلاّ انّه لا يخلو من ثمرات ، مثل كون المأمور في مقام الاطاعة والانقياد
__________________
(١) في الاصل الحجري ( تدريج ).
(٢) الفصول الغروية : ٧٢ السطر ٣٤.