الاتيان بالطهارات الثلاث بقصد امتثال الامر المتعلق بها؟
واجيب عنه : بوجوه :
أحدها : ما هو التحقيق كما في المتن ، من انّ العبادة قد تكون مقدمة لواجب بحيث لا يتوصل بها إلاّ باتيانها عبادة ، وانّ الطهارات الثلاث عبادات نفسية ومندوبات ذاتية كما في بعض الاخبار « انّ الوضوء على الوضوء عشر حسنات » (١) ومن حيث كونها كذلك جعلت مقدمة للواجب الآخر ، فالتعبد بها من حيث مطلوبيتها النفسية ، ولما لم يكن طلبها النفسي وهو الندب فعليا ، لمضادتها مع الطلب الغيري الوجوبي بالفعل ، فان قلنا بكفاية الرجحان الذاتي في اتيان الفعل عبادة وان لم يقصد به امتثال الامر فلا اشكال ؛ وان قلنا بعدم الكفاية ولزوم قصد الامتثال في العبادة فنقول :
انّ طريان الطلب [ الوجوبي ] (٢) على الندب النفسي ليس بنحو يرفعه كما في طريان أحد الضدين على الآخر ، بل يؤكده كما في طريان المرتبة الشديدة من الحقيقة المشككة على المرتبة الضعيفة منها ، لانّ ما به الافتراق في الشديد ـ وهو شدة الطلب فيما نحن فيه ـ لما كان عين ما به الافتراق وهو الطلب المطلق الموجود في الضعيفة أيضا ، فلا يباينه كي يرفعه وان كان موجبا لارتفاع حد الضعيفة ، ولكن الحد بمعنى النقض من المرتبة الشديدة أمر عدمي لا يرتفع بارتفاعه أصل الطلب ، فاذا كان الطلب الغيري مشتملا على أصل الطلب النفسي الندبي فيصح قصد التعبد به من هذه الجهة ويكون موجبا لكون الطهارات عبادة اذا قصد باتيانها امتثال ذاك
__________________
(١) لم نعثر عليه بهذه العبارة ، والموجود في المصادر في حديث الأربعمائة هو : « الوضوء بعد الطهور عشر حسنات فتطهروا ». بحار الانوار ١٠ : ٩٨ الحديث ١. وفي الخصال : « للوضوء بعد الطهور ... الخ ».
الخصال ٢ : ٦٢٠.
(٢) في الاصل الحجري ( الوجودي ).