المولى البعث والزجر على المكلف بالنسبة الى الضدين ، وامّا اجتماع الانشائين ، أو الفعلي مع الانشائي فلا كلام ولا اشكال فيه.
الثاني : انّ اجتماع الضدين لما كان مستحيلا فلا ينقلب ـ بضم امور اختيارية اليه وتقييده بها ـ عما هو عليه من الاستحالة الى الامكان ، لاستلزام الانقلاب في الذاتيات ، وهو ما لا اشكال في استحالته. ولا فرق أيضا في استحالة الاجتماع بين الضدين بين كون المضادة بينهما ذاتية أو عرضية.
الثالث : انّه لا بد من كون الطلب مقدما على الفعل زمانا ولو آناً ما ، للزوم طلب الحاصل لولاه ، مع انّه لا بد منه كي يكون الطلب داعيا الى الفعل.
الرابع : انّ الاطاعة والعصيان لا يتحققان قبل مضي زمان الفعل فيما لم يسلب الاختيار بالنسبة اليه قبله وان كان المكلف عازما على المعصية مثلا ؛ كما انه لا يسقط الامر قبل تحقق الاطاعة والعصيان فعلا وان علم الآمر بتحققهما فيما بعد ، وإلاّ لزم سقوطه عن الفساق قبل مجيء زمان الفعل.
الخامس : انّ الامر والبعث الى العبد مثل الارادة المحركة للعضلات بالنسبة الى فعل المباشر بنفسه.
اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم : انّ استحالة الاجتماع بين المتضادين بنفسهما كافية في امتناع الامر بهما معا من المولى الحكيم ، حيث انّ توجيه الامر الى العبد انما يصير فيما لو كان المولى فاعلا بنفسه إيّاه لأمكن تحريك عضلاته اليه ، ولا اشكال في عدم امكان تحريك العضلات ـ في آن واحد من العاقل ـ الى المتضادين معا كالحركة والسكون مثلا ، فاذا لم يمكن اقبال النفس وارادته الحتمية اليهما معا في افعال نفسه فكيف يكون اقبالها الى بعث الغير وحمله اليهما فعلا؟ ويدل عليه الوجدان لمن تعنّت عليه البرهان.
فان قلت : انما المسلّم قبحه اذا لم يكن المكلف بنفسه سببا له بعزم المعصية