حتى يدفع : بأن تمايز التروك وتعددها بلحاظ تعدد الوجود وتمايزه وبدون التميز فيه لا وجه لملاحظة التعدد فيه كما في المقام ، حيث انّ الخروج الذي لا يكون بعد الدخول واحد أزلا وأبدا ؛ مع انّ المصلحة والمفسدة انما تكونان في الفعل ، فهو : امّا يكون مما فيه المصلحة أبدا فيكون محبوبا لا غير ، وامّا أن يكون مما فيه المفسدة كذلك فيكون مبغوضا لا غير.
بل لاجل ما ذكرنا : من اشتمال الفعل بذاته على المفسدة ، وبخصوصيته المقدّمي على المصلحة ؛ ولكن لما كان التكليف سابقا في المندوحة ـ من جهة تمكنه من التحرز عن المفسدة واحرازه للمصلحة بمقدمة اخرى ـ فكان الخروج منهيا عنه ، وبعد الدخول مضطرا الى المفسدة فيؤثر مصلحته المقدمي في الامر ؛ وعرفت انّ أثره تخفيف العقوبة ؛ ولا تلزم المحبوبية في تعلق الامر ؛ ولا يرد عليه ما في المتن ، فتدبر.
٣٠١ ـ قوله : « وإلاّ لكانت الحرمة معلقة على ارادة المكلف ». (١)
يعني انه اذا اختار غير الدخول في الدار الغصبي يكون الخروج عنها حراما وامّا اذا اختاره فلا يكون محرّما ؛ والحال انّ التكليف لا بد أن يكون مطلقا حتى يصير داعيا الى الامتثال ، فلو كان طلب الترك فيما نحن فيه مثلا معلقا على حصول الترك بنفسه لكان من قبيل طلب الحاصل كما لا يخفى.
٣٠٢ ـ قوله : « لا انّه ما شرب الخمر فيها ». (٢)
مقصوده : انّ ترك الخروج عند ترك الدخول فيما نحن فيه وترك شرب الخمر عند ترك الوقوع في الهلكة ـ بنحو السالبة المنتفية بانتفاء الموضوع ـ يكون حاصلا بنفسه بلا استناد الى أحد ، ولا بد من كون المكلف به مستندا اليه حتى
__________________
(١) كفاية الاصول : ٢٠٥ ؛ الحجرية ١ : ١٤١ للمتن و ١ : ١٤٢ العمود ٢ للتعليقة.
(٢) كفاية الاصول : ٢٠٥ ؛ الحجرية ١ : ١٤١ للمتن و ١ : ١٤٢ العمود ٢ للتعليقة.