وامّا تعدد الوضع فالظاهر عدم كفاية معلومية الهيئة فقط بأن لا تكون المادة معلومة أصلا بأن تكون هيئة ( فاعل ) مثلا من كل مادة لمن قام به المبدأ ، حيث انّ ما وجدت هيئة كانت جارية في جميع الموارد ـ لا في الافعال ولا في غيرها ـ من المشتقات كما يظهر بالمراجعة ، فيشكل نوعية الوضع فيها.
اللهم إلاّ أن يقال : بأنّ الواضع لاحظ مواد كثيرة في ضمن مصادر معينة كثيرة ثم وضع كلا من الهيئات المخصوصة ـ التي لاحظ جريانها في تلك المواد من هيئة الفاعل والمفعول ونحوهما ـ بازاء معانيها المعينة بوضع واحد شامل لجميع مصاديق الهيئة في ضمن المواد ، فيكون وضع المشتقات بهذا الاعتبار نوعيا ولا غرو فيه أصلا.
وامّا المواد فالظاهر انّها نظير الهيئة في عدم تعلق الوضع بها مع قطع النظر عن ملاحظة الهيئة أصلا بأن يقال : انّ المادة الفلانية موضوعة في ضمن كل هيئة للمعنى الفلاني حيث انّ المادة ليست مطردة في جميع الهيئات ، على انّ وضعها في ضمن هيئة المصدر ليس بجار في غيرها ؛ وبدونها ـ بأن تلاحظ مادة الضاد والراء والباء مثلا وتجعل في ضمن أي هيئة موضوعة للمعنى الفلاني ـ مستبعد جدا.
اذا عرفت ما ذكرنا فظهر : انّ تعدد الوضع في المشتقات في كل من الهيئة والمادة على حدة بلا ملاحظة الآخر فيه أصلا غير صحيح ، وانما الصحيح اشتراط هيئات معينة في وضع المادة بنحو الاشارة اليها في وضعها واشتراط مواد معينة في وضع كل من الهيئات بنحو الاشارة في وضعها اليها. ولكن المحقق وضع المادة في ضمن المصادر لمعان معيّنة أولا ثم وضع كل من الهيئات لمعنى خاص مشروطا بطروّه على مواد معلومة على حسب اختلافها قلة وكثرة باختلاف الهيئات ، فتأمل جيدا.