حياة المؤلف
فقيد العلم والتقوى
آية الله المحقق الشيخ
علي القوچاني قدسسره
بسم الله الرحمن الرحيم
امتاز الفكر الاصولي الإمامي بالتوفّر على كلّ ما من شأنه عرض وجوده المعرفي العميق ، وانتمائه الحقيقي الأصيل ، وخطابه العقدي السليم ، ونسقه العلمي المتين ، الحاصل طرّا عبر كفاح ثقافي طويل وخطىّ محكمة متواصلة منتظمة ، بنهج حضاري ملتزم يجانب القفز العلمي الرخيص والوثب المعرفي البخس ، نهج يستوعب سؤال الآخر ومخالفته بحوار ونقاش بنّاءين قائمين على الدليل والحجّة والبرهان وسائر مؤن النقض والإبرام ، بلا أدنى أوهام أو تعصّب مقيت.
إنّ مشروع مدرسة العصمة والطهارة عليهمالسلام عموما وفكرها الاصولي خصوصا يؤمن بالمراجعة الدائمة والإفادة من سائر الرؤى والأنساق ، على قاعدة من الإنشاء والتأسيس لا التبعية والتقليد ، الأمر الذي منحه بعدا حيويا نابضا ومائزا ابتكاريا ألقا ، مكّناه من التعامل مع المتغيّرات الزمكانية بكل رشاقة وشموخ ، فتكيّف وحفظ الهوية والأصالة المعهودين.
إنّ النضج المثير والتكامل المشهود اللذين ميّزا الفكر الاصولي الإمامي ما كانا ليكونا لو لا اعتقاد جاوز التصوّر إلى التصديق والثبوت إلى الإثبات ، اعتقاد علم ويقين واطمئنان بعدم اثنينية المصدر ، بل وحدة وعينية متحققة لذوي الفهم والإنصاف على غاية من الشفافية والوضوح ، بمعنى أنّه لا تغاير بين الإسلام الواقعي ومدرسة أهل البيت عليهمالسلام إلاّ بالمفهوم. إنّه الحافز الأهمّ والدافع الأكبر لانطلاق حزمة النتاج الاصولي الإمامي منذ أيام الرسالة الاولى حتى عهدنا الحاضر بكلّ جدارة وسموق وسيبقى ويرقى ما دام هناك فكر يموج ومراجعة تدوم وجهود لا تعرف الكلل والملل.