فلما بلغهم ذلك ، رجعوا إلى مرّ الظهران ، ونفوسهم غير طائعة ، بعد أن ألزموه أن يعطيهم / البدر (١) وفاء بالشرط.
ولما اقترب شهر الحج ، واحتاج الناس إلى قضاء شعائر الحج ، وضاق الوقت ، فتصدى (٢) الوزير سليمان باشا صاحب جدة لتسكين حركة هذه الفتنة المطمة (٣) ، وبذل في ذلك الهمة. فكاتب السادة الأشراف ، ووعدهم ، وضمن لهم خلاص ما هو لهم في الذمة والمال ، وبذل لهم ما وسعته قدرته في الحال ، وشرط عليهم حفظ طريق جدة رعاية لمن بها من الغرباء الواصلين كي لا يفوتهم الحج. ففعلوا ما شرط عليهم ، وأمنوا الطريق ، وسارت القوافل. بل ساروا يمشون مع القوافل إلى أن تدخل مكة ذهابا وإيابا.
ثم إن سليمان باشا ، أخبر مولانا الشريف سعيد بما وقع ، " وإني التزمت لهم في ذمتي بخلاصهم».
__________________
الطنبداوي. البلادي ـ معالم مكة ١٦٨ ـ ١٦٩ ، معجم معالم الحجاز ٥ / ٢٣٦ ـ ٢٣٧. وذكره الأزرقي في تاريخ مكة ٢ / ٢٧٩ حاشية (٥) باسم الليط.
(١) في (ج) «ابرر». والبدر : جمع بدرة ، والبدرة لفة جلد السخلة (الماعز الصغير). والجمع بدر. وكانت تستخدم في حفظ النقود. والبدرة اصطلاحا عشرة آلاف درهم كانت شائعة الاستعمال في المعاملات المالية في العصور الإسلامية الأولى. حيث كان يهبها الخلفاء والسلاطين لذوي الحظوة عندهم من الأدباء والوزراء. إبراهيم عطية ـ القاموس الإسلامي ١ / ٢٨٩.
(٢) في (ج) «تصدى».
(٣) طم الشيء طموما : كثر حتى عظم أو عم. ويقال : طمّ البحر أو الماء ، وطم الأمر ، وطمت الفتنة أو الشدة. ابن منظور ـ لسان العرب ٢ / ٦١٦ ، إبراهيم أنيس ـ المعجم الوسيط ٢ / ٥٦٦.