فلما أصبح الصبح حزب العسكر ، وجاؤوا (١) إلى المحكمة على الترتيب المتقدم ، فظن الناس أن قصدهم الطلوع إلى الآلاي ، وما خطر بالبال هذا الفعل (٢).
فاجتمعوا بالمحكمة ، ووقع القيل والقال ، فحصل من ذلك ضجة شديدة ، وقد كان مولانا الشريف (٣) يحيى بن بركات ساعتها في الطواف ، فسمع الغوغاء في مدرسة القاضي ، فخرج من الطواف وطلع إليهم. فوجد السيد محمد بن عبد الكريم والإنقشارية والسردار والقاضي في يدهم صورة الأمر قد سجل ، فسأل عن سبب هذه الحركة ، فقالوا له : «البلاد لمولانا الشريف سعيد ، والسلطان قد ولاه ونحن عبيد السلطان ، وأمره ما يردّ».
فنظر السيد يحيى في باطن الأمر ، فرأى الوقت ما يسع التكلم ، وليس له عليهم في تلك الحالة قدرة ، فأخذ نفسه وأراد الخروج ، فمنعوه خوفا من أن يقع منه حركة في البلاد تمنعهم قصدهم ، فما التفت إليهم ، وقام قصده الخروج ، فقفلوا باب المحكمة في وجهه ، فتقدم عبيده إلى الباب وخلعوه ، فخرج.
وقد كان أرسل المنادي ومعه الشريف وبعض العسكر ينادي :
«أن البلاد للشريف سعيد».
وأما ما كان من أمر الشريف عبد الكريم ، فما عنده علم بجميع ذلك. واجتمعت عنده السادة الأشراف والعساكر ، فركبوا جميعا
__________________
(١) في (أ) «وجاق». وفي (ج) «جاؤا». والصحيح ما أثبتناه.
(٢) أي تسجيل الأمر للشريف سعيد.
(٣) في (ج) «السيد».