يطيب خاطرهم فأعادوا له الجواب ، وطلبوا الوجه الشرعي ، وأرسلوا إلى جدة يلتمسون (١) من الأمير إيواز بيك وقاضي الشرع وأغوات العسكر ، يحضروا إلى مكة لأجل الصلح بينهم. فوصل هو ومن في جدة من العسكر يوم الأحد ثالث عشرين الشهر المذكور (٢) وطلع لحضرة الشريف ، واجتمع به ، وشكى عليه أمر العسكر ، وما صار عليهم من العبيد ، فوعده (٣) الشريف بالغريم ، وطيب خاطره وخاطر السردار ، فطابت نفوس الجميع ـ لله الحمد والمنة ـ.
وفي يوم الثلاثاء ثالث شهر صفر : جعل حضرة الشريف مجلسا ، جمع فيه السادة الأشراف ، وشيخ الحرم المكي إيواز بيك ، وقاضي الشرع وأغوات العساكر ، وتكلم مع السادة الأشراف بحضرة ذلك الجمع ، وقال لهم :
«يا رفاقة ، قد رأيتم ضيق / المعاش (٤) ، وعدم (٥) مدخول البلاد ، وتعب (٦) الأشراف الذين ما لهم غير المعلوم ، وما هم فيه من الضيق ، والقصد من ذلك ، أن كل من بيده جهة من الجهات ، أو من الرسوم أو الأخوان أو المدخول ، يرده علي وأكون أنا المتصرف فيه ، وليس لكم إلا
__________________
(١) في النسختين «يلتسوه».
(٢) محرم.
(٣) وردت في النسختين «فأوعده». وهو خلاف المعني. والاثبات من المحققة للمعنى.
(٤) في (أ) تكرر «ضيقة المعاش» مرتين.
(٥) فقدان الشيء وذهابه ، الفقر. ابن منظور ـ لسان العرب ٢ / ٧٠٨ ، المنجد ٥١٢. وهنا تعني قلة مدخول البلاد.
(٦) شدة العناء ضد الراحة. ابن منظور ـ لسان العرب ١ / ٣٢١.