وبعض الفقهاء ، وأكابر العساكر المصرية الذين بمكة ما عدا الإنقشارية ، فلم يحضروا ، وأتوا الجماعة المذكورين إلى طوى ، واجتمعوا بالشريف عبد الكريم وبالوزير سليمان باشا ، وعذلوهم (١) عما في نفوسهم ، وحذروهم فتكة بني حسن من الأشراف ، وعرفوهم بما جمعوا من العرب (٢) ، وأن هذا أمر يترتب عليه إبطال الوقوف بعرفة وأداء المناسك ، والسلطان لا يرضى بذلك فإن كان معكم (٣) فابعثوا به إلينا ونحن مطيعون لأمر السلطان.
وبعث القاضي بالكتاب مع جوخداره وبعض البلكات ، فلما قرأوه هناك اضطربوا وشارفوا الإنقياد إليه ، إلا إنه كان من قضاء الله وقدره أن سليمان باشا نزل إلى القاضي بالمحكمة سادس ذي الحجة ، قبل ورود الجواب إليه ، وأراد أن يجمع بياض الناس عند القاضي ، يستفيض خبر أمره (٤) الذي بيده ، ويشهد الناس للشريف عبد الكريم بالاستحقاق وإن عزله للشريف سعيد وقع في محله.
فلما اجتمع الناس بالمحكمة ، ثارت الإنقشارية على القاضي وعلى الفقهاء ، وعلى الباشا ، وربما شهرت السيوف بالمسجد الحرام ، فهرب الناس ، و ـ يبق إلا الباشا وحده عند القاضي ، فأخرج القاضي صورة أمر ، قريء بحضرة الباشا والعسكر الانقشارية مضمونه :
__________________
(١) العذل : اللوم والتقريع. أنظر : ابن منظور ـ لسان العرب ٢ / ٧٢١.
(٢) القبائل السابق ذكرهم من عتيبة وحرب وغيرهم.
(٣) المقصود أمرا سلطانيا.
(٤) في النسختين «أمر». والزيادة من المحققة للسياق.