وكان صوابه يوم الاثنين ، يوم وصل (١) الشريف سعد ، بعد أن استقر عمه في دار السعادة.
وتغلبت البادية التي معه على النهب من كل جهة. فنهبت البيوت ، وأخذوا ما وجدوا من نقود وقوت وماعز ، وهان من متاع وأثاث ، وأراعت الذكور والاناث (٢). فكم من رجل نزعت من فوقه ثيابه ومزقت منه إهابه ، وكم من حرة شريفة هتكت ، وكاسية سلبت ، وحامل أسقطت. وحائل تسلم الجدار وسقطوا (٣).
فما زالوا ينتهبون الرفيع والوضيع ، ويسومونهم بالضرب والتقطيع حتى دخل الليل ، وبطل القوى والحيل. فمن الناس من مات / فجأة ، ومنهم من مرض ، ومنهم من اختبل.
فلما حلّ دار السعادة ، وجلس في تخت ولايته ، بعث إلى سليمان باشا بالأمان ، والتمس منه مثل ذلك ، ليكن الشأن. فأجابه إلى ذلك ، غير أنه لم يأمنه ، فجمع [جميع](٤) جنده عند بابه ، وملأ المدافع ، وفرق بعض العسكر اللاواند (٥) في البيوت حوله (٦) ميمنة وميسرة أياما
__________________
(١) في (ج) «يوم دخول».
(٢) عن هذا السلب والنهب انظر محمد علي الطبري الاتحاف (مخطوط) ورقة ٢ / ١٣٦ ، أحمد زيني دحلان ـ خلاصة الكلام ١٤٣.
(٣) هذا من المبالغة في القول.
(٤) ما بين حاصرتين من (ج).
(٥) استخدم العثمانيون في اسطولهم في البداية عناصر مسلحة بالبنادق أطلق عليها اسم اللوند. وهي كلمة ايطالية من لوانتي ، أي شرقي. وكلف اللوند مع سفن الأسطول العثماني بالمحافظة على المناطق الشرقية ووضع تحت امرة الصناجق والايالات في المناطق الشرقية ، وكان من بينهم عناصر خيالة. ومع مرور الأيام كلفت هذه العناصر للقيام بمهام في الداخل. عنها انظر : محمود شوكت ـ التشكيلات والأزياء العسكرية العثمانية ١٣٢ ، حسين نجيب المصري ـ معجم الدولة العثمانية ١٧٨ ـ ١٧٩.
(٦) في (ج) «حواه».