ولم يحجّ أحد من أهل مكة سوى قليل لا يعدّ ، ولم يرد في هذه السنة أحد من العراق إلا نحو خمسين أعجميا ، ولم يحجّ أحد من النواحي غير الأتراك ، ومن ورد مع الحج المصري والشامي فقط غير جماعة من أهل الحسا (١) مع العجم السابق ذكرهم.
وارتفعت الأسعار بعرفة ، حتى أخبرت أن بعضهم اشترى كبشا فدو بعشرة أحمر ، وارتفعت (٢) ، وشرع الارتفاع في الأسعار كل يوم إلى زيادة. فبعث الشريف سعيد إلى ناظر السوق ، الذي كان من قبل الشريف عبد الكريم ، وهو صاحبنا مصطفى بن إبراهيم القاشقجي ، وألبسه في زمن الحج قفطان النظر في السوق ، والعادة (٣) الجارية أن يبطل حكم الناظر في زمن الحج (٤).
وفي خامس عشر ذي الحجة أو سادس عشر : نزل الشريف عبد الكريم ومن معه من الأشراف بوادي التنعيم (٥) ، وبعثوا إلى الأمير بيرم
__________________
(١) المقصود بها الإحساء وهي المنطقة التي تسمى قديما بالبحرين وهجر وكانت تطلق على المنطقة الممتدة من البصرة إلى عمان. حافظ وهبة ـ جزيرة العرب في القرن العشرين ص ٦٢. والإحساء بالفتح والمد جمع حسي بكسر الحاء وسكون السين ، وهو الماء الذي تنشفه الأرض من الرمل فإذا صار إلى صلابة أمسكته فتحفر العرب عنه الرمل فتستخرجه. ومن هذه الإحساء إحساء بني سعد بحذاء هجر. ياقوت الحموي ـ معجم البلدان ١ / ١١١ ـ ١١٢ ، ٢ / ٢٥٧.
(٢) أي زاد ارتفاع الأسعار عما سبق.
(٣) في (أ) «كالعادة». والاثبات من (ج).
(٤) من كلام السنجاري هنا يستنتج أنه في موسم الحج توقف المراقبة على الأسعار وتكون هناك حرية في المعاملات التجارية.
(٥) وادي التنعيم : واد ينحدر شمالا بين جبال بشم شرقا وجبل الشهيد جنوبا. ـ يصب في وادي ياج. وقد سبق تعريف التنعيم.