وبعد تمام القراءة دخل أغاة القفطان الكعبة المشرفة ، هو وأتباعه ، وتوجه مولانا الشريف إلى داره السعيدة وجلس للتهنئة. فطلع إليه الناس وسلموا عليه ، وباركوا له ، ولم يتخلف أحد. وكان يوم عظيم.
وفي يوم السبت رابع ذي القعدة : اجتمع مولانا الشريف السيد يحيى بن بركات ، وشيخ الحرم المكي إيواز بيك ، وقاضي الشرع الشريف ، وأصحاب الأدراك من السبع بلكات ، وبرزوا إلى الأسواق والأزقة ، وشرعوا في هدم الدكك التي قدام الدكاكين والبيوت ، والظلل والأشرعة ، وجميع الزوائد الحادثة ، والمباسط التي في الطرق والأسواق. ومن جملة ما هدموه خارجة محمد السرطلي التي أحدثها قدام بيته بإذن من الشريف سعيد وكان هدمها ليلا على المشاعل.
وجلسوا على هذه الحال ثلاثة أيام. وفي كل يوم يركبون جميعهم ، ويأمرون الفعلة بالهدم ، وداروا جميع الحارات والأسواق وشوارع مكة ، حتى ما أبقوا شيئا ، وحصل بذلك غاية السعة في جميع الأماكن وبالخصوص المسعى ، فإن في زمن الموسم يحصل بذلك على الحجاج غاية المشاق (١).
فلما حصل هذا الأمر استراح الناس بذلك ، والسبب لذلك ورود الأمر السلطاني به.
وفي آخر الشهر المذكور (٢) : حضر شيخ الحرم الأمير إيواز بيك ، والسيد يحيى بن بركات وقاضي الشرع ، وأحضروا بعض المعلمين ،
__________________
(١) والسبب في كل هذه الأعمال هو ورود أمر سلطاني بإزالة ذلك. انظر : محمد علي الطبري ـ اتحاف فضلاء الزمن ٢ / ١٧٤.
(٢) شهر ذي القعدة.