فرجع الشريف عبد الكريم عند ذلك إلى مضاربه بالمحصب ، وبات هناك.
ودخل صبيحة يوم الأربعاء ثامن الشهر في آلاي عظيم (١) ، بجميع عساكر مصر وعساكر الباشا ، إلى أن وصل إلى منزله ، ومعه السادة الأشراف من ميمنة وميسرة ، وخلفه قبائل العرب. وكان يوما مشهودا ، وجلس للتهنئة ، ومدحه الأدباء بالقصائد. فمن ذلك قول صاحبنا الفاضل أحمد بن علان الصديقي (٢) ، أنشده إياه في هذا اليوم :
لقد علم القوم الذي ولد النّضر (٣) |
|
بأن ليس إلا عود سؤددك النصر |
ولا مقتب يسري بربك عازما |
|
على غارة إلا ويقدمه النصر |
وما المجد إلا أنت كونك ناطقا |
|
به يسفر الدنيا ويستأمن السفر |
وهل للورى غوث (٤) سواك نعده |
|
أبا شاكر فالحمد لله والشكر |
أعدها لما كانت لأول بدئها |
|
فقد صح عند الناس ما رمز الجفر (٥) |
__________________
(١) في (ج) «أعظم».
(٢) أحمد بن شهاب الدين بن إبراهيم بن علان الذي كان من أئمة التصوف في مكة في القرن الحادي عشر الهجري. الدهلوي ـ موائد الفضل والكرم (مخطوط) ورقة ١٧٧.
(٣) المقصود به النضر بن كنانة بن خزيمة ، والنضر كما قيل هو أبو قريش. ابن منظور ـ لسان العرب ٣ / ٦٥٧ ، القلقشندي ـ نهاية الأرب ٢٩٨ ، البلادي ـ معجم قبائل الحجاز ٣ / ٣٩٤ ، ٤٩٤.
(٤) هذا اللفظ من الألفاظ التي يستخدمها المتصوفون ، وهو من أهم عقائد الصوفية في الأولياء. ليلى عبد الله ـ الصوفية عقيدة وأهداف ط ١ ، دار الوطن ، الرياض ١٤١٠ ، ص ٢٢ ـ ٢٣.
(٥) الجفر : كتاب يزعم فيه الشيعة أن فيه علم الأولين وما وقع وما سبق. والأصل في الكتاب أنه كان عند هرون بن سعيد العجلي ، وهو زعيم الزيدية كتابا يرويه