فخرج إليهم الأشراف هؤلاء ، عصر يوم الثلاثاء التاسع والعشرين من محرم ، عند بئر شميس (١) ، فاحتالوا على السيد مبارك بن حمود ونحّوه عنها / ، وقبضوا عليه ، واستاقوا القافلة بأجمعها.
فلما رأى السيد مبارك منهم ما رآه. وكان مبارك ـ كاسمه ـ نزل عن فرسه ودخل مكة راجلا ، فنزل على السيد مساعد بن سعد بالطندباوي.
وكانت قافلة عظيمة موفورة ، وفيها من كل الأنواع.
وقتل من الصارجية خمس عشرة ، وأخذت خيولهم ، وبلغت القتلى من أصحاب القافلة وغيرهم نيفا وثلاثين ، ولم يسلم إلا من هرب ، واستجار بعضهم بالأشراف ، فسلم من كتبت له السلامة بروحه دون ماله ، ورجعوا بالقافلة يسحبون الرماح ، وينادون بحيّ على الفلاح. وكانوا نحو العشرين أغلبهم شبانا.
فلما أن وصل إليهم السيد عبد المحسن (٢) ، جعلوا كلمتهم الكلّ إليه ، واعتمدوا في تطريق هذا الوفق عليه ، وبايعوه على شرافة مكة ، وعزل ابن عمه سعيد ، فرضي بعد تأبّ شديد ، ثم ارتحلوا من الحميمة ، ونزلوا ماء قريبا من جدة يقال له غليل (٣) ـ مصغرا ـ وبعثوا إلى الوزير
__________________
(١) ربما تكون الشميس ، وهي غرب مكة ، وتعتبر قرية من قرى منطقة الجموم التابعة لإمارة مكة المكرمة. ويقال أن الشميس هي الحديبية. عن هذا الموضوع. انظر : البلادي ـ معجم معالم الحجاز ٢ / ٢٤٦ ـ ٢٤٧. حمد الجاسر ـ المعجم الجغرافي ٢ / ٨١٠.
(٢) عبد المحسن بن أحمد بن زيد.
(٣) وادي غليل : واد يسيل من الحرازية ، يباري أم السلم من الجنوب ، ويجتمع